للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعليم، وسرت تعاليم محافل الماسون البريطانية إلى جميع المحافل في أوروبا من أجل تشجيع التعليم العلماني. وكانت الخطة تعتمد على إنشاء معاهد خاصة في بادئ الأمر إلى أن تتمكن الحكومات من فرض العلمانية على مدارسها الرسمية" (١)، ثم ذكر أول مدرسة فتحت على أسس علمانية مع مؤسسها الماسوني، والصراع الذي قام على أثرها بين الكنيسة وأصحاب المدرسة، ثم انتقلت العدوى إلى فرنسا، حيث قام بعض أتباع الماسونية بمهاجمة سلطة الكنيسة على التعليم وطلبوا بتعليم علماني، ثم انتشر الأمر في بقية البلدان الأوروبية، ثم وصل ذلك إلى المحافل في أمريكا (٢).

وفي سنة (١٨٧٠ م)؛ أي: بعد ما يقرب من قرن ونصف من تأسيس محفل بريطانيا، تمّ تأسيس محفل مهم في باريس ليتولى توجيه محافل العالم، وينتقل ثقل المحافل إلى فرنسا، "وكان هدفه الأول فصل الدين عن التعليم ونشر العلمانية. وتبادل حكام أوروبا وأمريكا وقادة القارتين النصح والتوجيه من أجل تحقيق أهداف الماسونية في خلق أنظمة التعليم الحديثة العلمانية" (٣).

وإذا كان عملهم داخل أوروبا وأمريكا يحقق لهم نفوذ اليهود والملحدين واللادينيين إلى المؤسسة العلمية لكونهم المقصَين عنها في تلك المرحلة، واستغلوا أخطاء الكنيسة مع العلماء الجدد لإقصاء الدين عن التعليم، فإنه أيضًا يحقق لهم المقاصد نفسها داخل العالم الإِسلامي ولكن بطريقة أخرى؛ لأن العالم الإِسلامي لم يعرف مشكلة كتلك التي وقعت بين الكنيسة والعلماء، فمن عُرف داخل المسلمين بالعلم في العلوم البشرية لم يُعترض عليه، حتى وإن كان يهوديًا أو نصرانيًا من أهل الذمة، بل يؤخذ علمه النافع ويستفاد منه، فما كان هناك مجالٌ للاستغلال حتى ينفذ منها هؤلاء إلى مقاصدهم كما حدث في أوروبا، ولكن وجود مدارس علمانية له أهميته في مشروعاتهم؛ لأن ذلك يسمح بوجود المدرس اليهودي أو النصراني أو الملحد، ويسمح بوجود المنهج غير الإِسلامي، ثم يسمح بوجود تعليم غير إسلامي.


(١) نقلًا عن الماسونية ذلك العلم المجهول، د. صابر طعيمه ص ١٣٧ - ١٣٨.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٣٨.
(٣) الماسونية ذلك العلم المجهول ص ١٣٨ - ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>