للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولبنان وفلسطين والحجاز، والذي يظهر أنهم لم ينجحوا بقدر ما نجحوا في مصر التي أتاحت لهم فرص النجاح أكثر من غيرها؛ وذلك أن مشروعات "محمَّد علي" قد اجتذبت جماعات أوروبية مختلفة (١)، وكل جماعة تحاول تطبيق أفكارها على ما يرونه أرضًا بكرًا تصلح للتجريب، وكان منهم أتباع سيمون. ورغم وجود بعضهم مع الحملة الفرنسية إلا أن نشاطهم الفعلي ابتدأ في عهد محمَّد علي، فعن طريق القنصل الفرنسي في الإسكندرية وصلوا إلى محمَّد علي وكان القنصل مهندسًا مشهورًا ومتعاطفًا مع السيمونيين (٢).

كان بينهم عشرة مهندسين وتسعة أطباء وثلاثة زراعيين وبعض الأدباء والرسامين والنحاتين والمحامين وغيرهم (٣)، تحدوهم رغبة في نشر تعاليم أستاذهم، ووجدوا في دولة محمَّد علي فرصتهم، وكان من أفكار أستاذهم أهمية تكوين "الدولة الصناعية التي يقودها العلم الحديث"، والانتقال بمجتمع تلك الدولة من "النظام الإقطاعي اللاهوتي إلى النظام الصناعي العلمي"، وإذا كان الاعتقاد والإيمان قوة شاملة في الماضي، فيجب في المستقبل أن تحل المعرفة محل ذلك، وأن تتحد الصناعة والمعرفة لتحكما العالم (٤).

اهتم هؤلاء بالتصنيع والتعليم والمشروعات العمرانية وذلك أن اشتراكية سيمون يتطلب الوصول إليها مثل هذه الإعدادات والتجهيزات (٥)، فتحركوا في كل جهة أتاحها لهم "محمَّد علي" في المشروعات العمرانية والهندسية أو بالتعليم في معاهده المتخصصة، وفي ذلك يقول "قيس عزاوي": "توافد أتباع سان سيمون الفرنسيون المطرودن من إستانبول إلى مصر لكي ينظموا وزارة التعليم العام" (٦)، ومع الاختلاف حول حجم الدور الذي لعبه أمثال هؤلاء إلا أن هناك من يرى أن الاشتراكيات التي ظهرت فيما بعد داخل العالم الإِسلامي لا يستبعد


(١) انظر: مقالة: "السان سيمونيون كرواد لعصر النهضة في مصر"، د. رفيق سكري، مجلة الفكر العربي، عدد ٣٩ - ٤٠/ ص ١٥٠ - ١٥٥ سنة ١٩٨٥ م، بيروت.
(٢) انظر: المرجع السابق، وانظر: النهضة والسقوط. . ص ١٦٣.
(٣) انظر: المرجعين السابقين، المعطيات نفسها.
(٤) انظر: المجلة السابقة ص ١٥١.
(٥) انظر: المرجع السابق ص ١٥١ - ١٥٢.
(٦) الدولة العثمانية، قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، قيس عزاوي ص ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>