للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد فرَّ الناس، ومتفخراً بنبوّته وبنسبه الشريف، لأنّ المقامَ يحسُنُ فيه الفخر، وقد علمنا من دواعي تقديم المسند إليه إرَادةَ الافتخار.

***

المثال العاشر:

قول أبي تمّام:

وغَيْرِي يَأْكُلُ الْمَعْرُوفَ سُحْتاً ... وَتَشْحَبُ عِنْدَهُ بِيَضُ الأَيَادِي

سُحْتاً: السُّحْتُ: المال الحرام، وكلُّ ما خَبُثَ وَقَبْحَ من المكاسب، كالرشوة والْغُلُول والربا.

تَشْحَبُ: يتغير لونها. يريد أنّ بِيضَ الأيادي تظلّ عنده بيضاء فهو لا يجحدها ولا يكفرها.

قدّم كلمة "غير" إذْ أراد بها الكناية عن نفسه، وقد عرفنا أن كلمتي "غير" و"مِثْلَ" تلازمان التقديم إذا أريد بهما الكناية عن الشخص المتحدَّث عنه في الأساليب العربيّة البليغة.

***

(٤) دواعي تقديم المسند إذا كان الأصل فيه التأخير

ذكر علماء البلاغة من الدواعي البلاغية لتقديم المسند إذا كان الأصل فيه التأخير أربعة أمور، ويمكن أن نضيف إليها كثيراً من الدواعي التي سبق بيانها لتقديم المسند إليه إذا كان الأصل فيه التأخير، وكذلك غيرها من الدواعي مما تتفتَّق عنه قرائح البلغاء الأذكياء.

الداعي الأوَّل: تخصيص المسند بالمسند إليه، أي: قَصْرُ المسند على

<<  <  ج: ص:  >  >>