للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيد بعدم ضربه، لكنَّها تُفِيدُ أَنَّه قَدْ ضَرَبَ غيره، فتأتي عبارة "وَلاَ غَيْرَه" ناقضةً للدّلالة التي أفادها التخصيص.

***

الداعي الثاني: الاهتمام بشأن المقدّم أو الإِشعار بالاهتمام به كأنْ تُوصِيَ مَنْ طلَبَ منْكَ أنْ تنصحه فتقول له:

"بِوالدَيْكَ كُنْ بَرّاً، ثُمَّ كُنْ بَرّاً بالأَقْرَبَيْن والأرحام".

والْفِقْهَ احْرِصْ على تَعَلُّمِهِ أَوَّلاً ثُمَّ تعلَّمْ سائرَ علوم الدين وما يَخْدُمُها من العلوم الّتِي بها تُفْهَمُ النُّصُوصُ وتُسْتَنْبَطُ الأَحْكام.

وتَقْوَى اللَّهِ الْزَمْ في أَمْرِكَ كُلَّه، ثُمّ تَزَوْدْ فوق ذلك من الصالحات.

والشِّركَ احْذَرْ أَنْ يُخَالِطَ نِيَّتَكَ في أَعْمالِكَ.

في هذه الوصايا قُدِّم المعمولُ على عامله لتوجيه الاهتمام وبالغ العناية، ولم يُقدَّم لإِفادة التخصيص والحصر.

* ومن الأمثلة قول الله عزّ وجلّ في سورة (السجدة/ ٣٢ مصحف/ ٧٥ نزول) :

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لبني إِسْرَائِيلَ * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [الآيات: ٢٣ - ٢٤] .

قوله تعالى: {بِآيَاتِنَا} معمولٌ مقدَّمٌ على عامله وهو {يُوقِنُونَ} وَقُدِّمَ لِلإِشْعَارِ بأَهَمّيَةِ آيَاتِ اللهِ في حيَاةِ البْشَر، وبقيمَتِها العظيمة في رحلة امتحانهم، فالإِيقانُ بها هو الذي يُصَحِّحُ مسيرتهم ويُقوّمُ سُلوكهم، وليس الغرض حصر الإِيقان بها، فأركان الإِيمان التي يجب الإِيقان بها لا تقتصر على آيَات الله.

مع ما في تأخير {يُوقِنُونَ} من مراعاة عنصر جماليٍّ تستدعيه رؤوس الآيات.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>