للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكتشف عَرَضاً داعياً مناسباً، فعندئذٍ يمكن أن يجعله عاملاً مرجّحاً لإِبقاء الشيء على أصله.

فمن الدواعي هنا ما يلي:

الداعي الأول: أن يكون ذكر المقدّم أهمّ في نظر منشىء الكلام لغايةٍ ما يَرْمي إليها.

***

الداعي الثاني: مراعاة الترتيب الطبيعي في المعاني، كأن يقدّم في المتعاطفات بالواو اللفظ الدّال على الإِيمان على اللفظ الدالّ على الإِسلام، لأنّ الإِيمان هو الأساس فلا يصح إسلام ما لم يكن قائماً عليه، وكأن يقدّم اللّفظ الدّال على التقوى على اللّفظ الدّالّ على البرّ، لأنّ الارتقاء إلى مرتبة البرّ لا يكون إلاَّ بعد استكمال حقوق مرتبة التقوى، وقد يعكس الأمر لغرض الإِشعار بأفضليّة المقدّم وأنّ مرتبته أعلَى، وبغية التشجيع على العمل به، كتقديم اللّفظ الدالّ على البرّ على اللفظ الدالّ على التقوى.

***

الداعي الثالث: إرادة الترقّي من الأدنى إلى الأعلى، أو العكس، أو إرادة البدء بالظاهر، فما يتصل به من الأسباب، وهكذا تسَلْسُلاً إلى الأسباب الباطنة الخفيّة، حتى السبب الأوّل، أو البدء بما هو بمنزلة الأساس فما يتصل به. وهكذا تدرّجاً إلى الأعلى فالأعلى حتى القمة.

ومن أمثلة التدرج من الأدنى إلى الأعلى قول الله عزّ وجلّ في سورة (فاطر/ ٣٥ مصحف/ ٤٣ نزول) مبيناً مراتب ودرجات المؤمنين:

{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات بِإِذُنِ الله ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير} [الآية: ٣٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>