للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجوز إرادة الحصر لفساد المعنى؛ لأنه قبل دخول الهمزة -على تقديم الحصر- يكون معناه: غير دين الله يبغون، وبعد دخول همزة الإنكار الذي هو معنى النفي يكون المنكر حصر الطلب في غير دين الله، ولا يلزم منه اشتراك الطلب لدين الله، ولغير دين الله.

ونحن نقول: قد ذكر الشيخ عبد القاهر، ونقل عنه المحققون أن النفي إذا دخل كلامًا فيه قيد، تارة يتوجه إلى القيد مع بقاء أصل الفعل كقولك -وقد ضربت عبدك-: ما ضربته عبثًا. وتارة يتوجه إلى المقيد، فيُنفَى مع قيده كقوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: ١٥٧] إذ القتل منفي من أصله، والاعتماد في ذلك على القرائن.

فإذا تقرر هذا، فنقول: في قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران: ٨٣] إنما توجه النفي المستفاد من الهمزة على أصل الفعل، وهو طلب غير دين الله مطلقًا، لا على اليد الذي هو معنى الحصر المستفاد من التقديم قبل دخول الهمزة كما ظهر لك في قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} وهذا مما لا ريب فيه.

وأما قوله: "إن الفضلاء لم يذكروا إلا لفظ التخصيص"، مما لا ينبغى أن يصدر عن مثله؛ لأن الاعتبار بالمعنى لا باللفظ، وحيث أرادوا بالاختصاص معنى الحصر، فلا فرق بين التعبير عنه بلفظ الحصر أو الاختصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>