للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما أربعة أخوة أشقاء: فالوليد وسليمان ويزيد وهشام بنو عبدالملك (١).

وبالمناسبة فقد حدث في سنة أربع وخمسين وستمائة ظهور النار "بركان المدينة" في حرة بني قريظة، قال أبو شامة في كتاب الروضتين: جاءنا كتب من المدينة الشريفة فيها لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة ظهر بالمدينة دوي عظيم، ثم زلزلة عظيمة، فكانت ساعة بعد ساعة، إلى خامس الشهر المذكور، فظهرت نار عظيمة في الحرة الشرقية قريبا من قريظة، نراها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا، وسالت أودية منها وادي شظا سيل الماء، وطلعنا نقصدها فإذا الجبال تسير نارا، وسارت هكذا وهكذا كأنها الجبال، وطار منها شرر كالقصر، وفزع الناس إلى القبر الشريف مستغفرين تائبين، واستمرت هكذا أكثر من شهر.

وقال الذهبي: كانت تدب دبيب النمل، وكانت تحرق كل ما مرت عليه من الحجارة وغيرها، فكانت الحجارة تذوب كما يذوب الرصاص، وكانت لا تحرق أشجار المدينة على مشرفها الصلاة والسلام، وكان نساء المدينة يغزلن على ضوئها، ثم انطفأت بعد مدة قريبة من شهر، ومع ذلك ما كان لها حرارة، وما كانت تؤثر فيمن وصل إليها (٢)، ذكر أن أمير المدينة الشريفة أرسل رجلين ليتحققا أمر هذه النار، فلما وصلا إلى قربها وشاهدا عدم حرارتها تقربا إليها حتى إن أحدهما أخرج نشابا فأدخله النار فذاب نصله، ولم يحترق العود، فقلب النشاب وأدخله النار فاحترق الريش، ولم يحترق العود، لأن السهام كانت من أشجار المدينة، وذلك من معجزاته عليه الصلاة السلام.


(١) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ١٧/ ٣١٣، بتصرف.
(٢) المصدر السابق ٣/ ٥١٨.

<<  <   >  >>