للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دلوه فيها كدلاء المسلمين» فاشتراها عمر رضي الله عنه، ووقف أنس داراً وكان إذا قدمها نزلها ... انتهى

قال المؤلف رحمه الله: (ومَن وقفَ شيئاً مُضارَّةً لِوارِثهِ؛ كانَ وقفه باطلاً)

من لم يرد وجه الله بالوقف، وإنما أراد أن يحرم ورثته فقط؛ وقفه باطل؛ لأنه وقف محرَّم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (١) , والوقف الذي يراد به قطع ما أمر الله به؛ وقفٌ باطل.

قال المؤلف: (ومَن وضعَ مالاً في مسجدٍ أو مشهدٍ لا ينتفعُ به أحدٌ؛ جازَ صَرفُه في أهلِ الحاجاتِ ومَصالحِ المسلمين، ومِن ذلك ما يوضعُ في الكعبةِ أو في مَسجدِهِ صلى الله عليه وسلم)

المؤلف رحمه الله يريد بالمشهد هنا: المكان الذي يشهده الناس ويحضرونه، لا يريد بالمشهد القبر لما سيأتي من كلامه.

ويعني: أن الوقف إذا تعطل؛ جاز نقله أو صرفه فيما يُنتفع به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: «لولا أنّ قومَكِ حَديثُو عَهدٍ بجاهلية؛ لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله» (٢).

كنز الكعبة وقفٌ عليها، لكن لما كان لا يُنتفع به؛ أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفقه في سبيل الله، ولكنه خشي الفتنة.

ولكن النووي رحمه الله قال: وفيه دليل لجواز إنفاق كنز الكعبة ونذورها الفاضلة عن مصالحها في سبيل الله، لكن جاء في رواية: لأنفقت كنز الكعبة في بنائها، وبناؤها من سبيل الله، فلعله المراد بقوله في الرواية الأولى: في سبيل الله. والله أعلم.

ومذهبنا: أن الفاضل من وقف مسجد أو غيره لا يصرف في مصالح مسجد آخر ولا غيره؛ بل يحفظ دائماً للمكان الموقوف عليه الذي فضل منه، فربما احتاج إليه. والله اعلم. انتهى

قال المؤلف: (والوقفُ على القبورِ لِرفعِ سُمْكِها أوتَزيينِها أو فعلِ ما يَجلِبُ على زَائرِها فتنةً؛ باطل)

لأنه وقفٌ في أمر منهي عنه فهو وقف باطل , فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع القبور، ونهى عن البناء عليها، ويُلحق بذلك كل ما يجلب على الناس فتنة في دينهم ويؤدي إلى الاعتقاد فيها،


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (١٣٣٣)، وأصله في البخاري (١٥٨٤).

<<  <   >  >>