للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف رحمه الله: (وطَاعةُ الأَئِمَّةِ وَاجبةٌ إلا في مَعصيةِ اللهِ، ولا يَجوزُ الخَروجُ عليهم، ما أَقامُوا الصَّلاةَ، ولم يُظهِرُوا كُفراً بَوَاحاً، ويَجبُ الصَّبرُ على جَورِهِم، وبَذلُ النَّصِيحةِ لَهم)

طاعة الأئمة المسلمين واجبة؛ لقول الله تبارك تعالى: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء/٥٩]، بلغ الغلو في البعض أن يوجب طاعة الولي الكافر، هذا غباء وجهل حقيقة عجيب، ما جعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً، والعلماء متفقون على أن الإمام الكافر لا طاعة له، ولا حكم له على المسلمين، ولا يكون ولياً للمسلمين، كلام أهل السنة دائماً في الحاكم المسلم، هو الذي يطاع.

مسالة الخروج على الحاكم الكافر مسألة ثانية تتعلق بالقدرة، إن وُجدت أو عُدمت، لكن مسألة الطاعة مسألة أخرى، هي موضوعنا الآن، الطاعة لولي أمرٍ مسلم لا كافر، لقول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء/٥٩]، منكم يعني من المسلمين.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا وإن استُعمل حبشي كأن رأسه زبيبة» (١) أخرجه البخاري.

والأحاديث بهذا المعنى كثيرة متواترة تحث على طاعة ولاة الأمور.

وجاءت أحاديث أخرى بلزوم الصبر عليهم، وستأتي إن شاء الله، وذلك كله دفعاً للمفسدة التي ستترتب على الخروج عليهم، فمفسدة الخروج عليهم أكبر وأعظم من المفسدة التي تحصل منهم، فمفسدة الخروج عليهم تؤدي إلى سفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وكثرة الفتن البلايا بين المسلمين، كما شوهد في هذه الأيام عياناً، فلأجل دفع هذه المفسدة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على الأئمة الظلمة، أئمة الجور والظلم.

فهذه الأحاديث والآيات تدل على وجوب طاعة ولاة أمر المسلمين.

إلا في حال أن يأمروا بمعصية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف» (٢) متفق عليه، وقال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (٣) متفق عليه.


(١) أخرجه البخاري (٦٩٣)
(٢) أخرجه البخاري (٧٢٥٧)، ومسلم (١٨٤٠)
(٣) أخرجه البخاري (٧١٤٤)، ومسلم (١٨٣٩)

<<  <   >  >>