للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يجوز الخروج عليهم ما لم نرَ كفراً بواحاً، وما أقاموا الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا» (١) أخرجه مسلم.

ستكون أمراء -أي سيوجد أمراء- فتعرفون وتنكرون -من أعمالهم وأقوالهم تعرفون أشياء موافقة للشرع وتنكرون أشياء مخالفة للشرع- فمن عرف برئ ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع من رضي بمنكرهم وتابعهم عليه، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ انظر إلى السؤال الآن، إن وجدنا أئمة كهؤلاء أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صَلّوا».

استدل بعض أهل العلم بهذا الحديث على كفر تارك الصلاة؛ لأنه جاء في الحديث الثاني في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، يعني حتى وإن وُجد أمراء يؤثرون أنفسهم، يعني يخصون أنفسهم بالأموال وبالخيرات، ولا يعطون الناس حقوقهم، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان.

فلا يجوز الخروج عليهم إلا إن وُجد كفر بواح، والكفر البواح: هو الواضح الظاهر الذي لا خفاء فيه.

عندكم من الله فيه برهان: أي عندكم دليل واضح من كتاب أو سنة، لا يحتمل التأويل، فدليلكم يكون واضحاً على كفره، على أن الذي فعله أو قاله كفر، وعلى أنه صدر منه، عندئذ يجوز الخروج عليه، أيضاً إن وُجدت القدرة، فتحقيق المصالح ودفع المفاسد هنا قاعدة عامة يجب إعمالها دائماً.

ويجب الصبر على ظلمهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني» (٢) متفق عليه.

فالحاكم له حالة خاصة، في قضية الإنكار عليه، غلاة التكفير، والخوارج، ومن كان على منهجهم في هذه المسألة؛ يستدلون بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيجيزون الخروج عليه لأجل هذا.


(١) أخرجه مسلم (١٨٥٤)
(٢) أخرجه البخاري (٣١٦٣)، ومسلم (١٨٤٥)

<<  <   >  >>