للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: لو صالح على حق الشفعة على مال، فهو على ما ذكرناه في الصلح عن الرد بالعيب. واختار أبُو إسحاق المَرْوَزِيُّ صحته، ولو تصالحا على أن يأخذ بعض الشقص، فيصح الصُّلْح برضا المشتري بالتبعيض، أو يبطل، وتبقى خيرة الشفيع بين أخذ الكل، وترك الكل أو تبطل شفعته أصلًا تنزيلًا لترك البعض منزلة ترك الكل؟.

نقلوا فيه ثلاثة أقوال.

وقد فرغنا بتوفيق الله -تعالى- من شرح مسائل الكتاب، ونزيده بفصلين:

أحدهما: في الحيل الدافعة للشفعة.

منها: أن يبيع الشقص بأضعاف ثمنه دراهم ويأخذ عرضًا قيمته مثل الثمن الذي يتراضيان عليه بدلًا من الدراهم، أو يحط من المشتري ما يزيد عليه، فلا يرغب الشفيع في الشفعة لحاجته إلى الأخذ بالدراهم المسماة، وفيها غرر؛ لأنّ البائع قد لا يرضى بالعرض عوضًا أو لا يحط على المشتري ما يزيد عليها.

ومنها قال ابْنُ سُرَيْجٍ: يشتري أولًا بائع الشقص عرضًا يساوي ثمن الشقص بأضعاف ذلك الثمن، ثم يجعل الشقص عوضًا عما لزمه، وفيها غرر؛ لأن البائع قد لا يرضى به.

ومنها: أن يبيع جزءًا من الشقص بالثمن كله، ويهب منه الباقي، فلا يأخذ الشفيع الشقص المبيع للغبن، ولا يتمكن من أخذ الموهوب، وفيها غرر ظاهر.

ومنها: أن يجعل الثمن حاضرًا مجهول القدر، ويقبضه البائع وينفقه، أو يخلط بغيره، فتندفع الشفعة، وفيه خلاف ابْنُ سُرَيْج على ما تقدَّم.

ومنها إذا وهب المشتري الشِّقص أو وهبه يبطل حق الشفيع على رأي أبِي إسحاق.

ومنها: لو باع بعض الشقص، ثم باع الباقي لم يكن للشفيع أخذ جميع المبيع ثانيًا في أحد الوجهين، فيندفع أخذ الجميع.

ومنها: لو وكَّل البائع شريكه بالبيع فَبَاعَ لم يكن له الشفعة على أحد الوجهين، وقد سلف ذكر هذه المسائل (١).


(١) قال النووي ومنها: أن يهب له الشقص بلا ثواب، ثم يهب له صاحبه قدر قيمته، قال الشيخ أبو حامد: هذا لا غرر فيه؛ لأنه يمكنه أن يحترز من ألا يفي صاحبه، بأن يهبه ويجعله في يد أمين ليُقبِضه إياه، ويهبه صاحبه قدر قيمته، ويجعله في يد أمين ليُقبِضه إياه، ثم يتقابضا في حالة واحدة ينظر روضة الطالبين ٤/ ١٩٥، ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>