للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع: عند أبِي يُوسُفَ لا يكره دفع الشفيع بالحيلة، إذ ليس فيها تفويت حقّ على الغير؛ لأن الحق إنما يثبت بعد البيع.

وعند مُحَمَّدٍ يكره لما فيه من إيقاع الشفيع في الضرر مع حقه من الثبوت، وهذا أشبه بمذهبنا في الحيلة في دفع الزكاة (١) وهما يختلفان في الزكاة.

الفصل الثاني: في مسائل وفروع من الباب لم تسلك فيما قدمنا، ونوردها منثورة، فنقول: للمفلس العفو عن الشفعة، والأخذ والاعتراض عليه للغرماء، وينبغي أن يعود في أخذه الخِلاَف المذكور في شرائه في الذِّمة، ثم الكلام في أنه لم يؤد الثمن على ما ذكرناه في التفليس. ولو وهب شقصًا من عبده، وقلنا: إنه يملك، فبيع باقيه. قال الشيخ أبُو مُحَمَّدٍ: تثبت له الشفعة، وهل يفتقر إلى إذن جديد من السيد؟ فيه وجهان.

ولعامل القراض الأخذ بالشفعة، فإن لم يأخذ، فللمالك الأخذ ولو اشترى بمال القِرَاض شقصا من عقار فيه شركة لربّ المال، ففي ثبوت الشفعة له وجهان عن ابْنِ سُرَيْجٍ:

أصحهما: المنع.

ووجه الثاني: أن مال القِرَاض كالمنفرد عن ملكه لتعلق حق الغير به، ويجوز أن يثبت له على ملكه حق، والحالة هذه كما لو ثبت له على عبده المَرْهُون حق الجناية، وإن كان العامل شريكًا فيه، فله الأخذ إن لم يكن في المال ربح، أو كان، وقلنا: إنه لا يملك بالظهور، وإن قلنا: إنه يملك، فعلى الوجهين في المالك.

ولو كان الشِّقْصُ في يد البائع فقال الشفيع: لا أقبضه إلا من المشتري فيه وجهان عن ابْنُ سُرَيْجٍ:

أحدهما: له ذلك، ويكلف الحاكم المشتري أن يتسلّمه، ويسلمه إلى الشفيع، وإن كان غائبًا نصب الحاكم من ينوب عنه في الطرفين.

والثاني: أنه لا يكلف ذلك، بل يأخذه الشفيع من يد البائع، وسواء أخذ من


(١) قال النووي: عجيب من الامام الرافعي -رحمه الله- كيف قال ما قال، مع أن المسألة مسطورة، وفيها وجهان: أصحهما، وبه قال ابن سريج، واليخ أبو حامد: تكره هذه الحيلة. والثاني: لا، قاله أبو حاتم القزويني في كتاب "الحيل". أما الحيل في دفع شفعة الجار، فلا كراهة فيها قطعًا، وفيها من الحيل غير ما سبق ما ذكره المتولي أنه يشتري عشر الدار مثلًا بتسعة أعشار الثمن، فلا يرغب الشفيع لكثره الثمن، ثم يشتري تسعة أعشاره بعشر الثمن، فلا يمكن الجار من الشفعة، لأن المشتري حالة الشراء شريك في الدار، والشريك مقدّم على الجار أو يخط البائع على طرف ملكه خطًا مما يلي دار جاره، ويبيع ما وراء الخط فتمتنع شفعة الجار؛ لأن بين ملكه وبين المبيع فاصلًا، ثم يهبه الفاصل. ينظر روضة الطالبين ٤/ ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>