للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري، أو من البائع فعهدة الشفيع على المشتري، فإن الملك ينتقل إليه منه (١).

وقال أبُو حنيفة: إن أخذه من يد المشتري، فالعهدة على المشتري، وإن أخذه من يد البائع، فالعهدة عليه، ولو اشترى شقصًا شرط البراءة من العيوب، فإن أبطلنا البيع فذاك، وإن صححناه، وأبطلنا الشرط، فكما لو اشترى مطلقًا، فإن صحننا الشرط فللشفيع رده بالعيب على المشتري، وليس للمشتري الرَّد، كما لو كان المشتري عالمًا بعيبه عند الشراء، والشفيع جاهلًا به عند الأخذ، وإن علم الشفيع العيب دون المشتري، فلا رد للشفيع، وليس للمشتري طلب الأَرْش؛ لأنه استدراك للظُّلامة، أو لأنه لم ييأس من الرد، فلو رجع إليه ببيع، أو غيرها لم يرده على العلّة الأولى، ويرده على الثانية، ولو قال أحد الشريكين للآخر: بيع نصيبك، فقد عفوت عن الشفعة، فباع ثبتت له الشفعة، ولغا العفو قبل ثبوت الحق.

وعن تفريع ابن سُرَيْجٍ عن "الجامع الكبير" لمحمد أنه إذا باع شِقْصًا، ضمن الشفيع العهدة للمشتري لم تسقط بذلك شفعته، وكذلك إذا شرط الخيار للشَّفيع، وصححنا شرط الخيار للأجنبي، ولو كان بين أربعة دار، فباع أحدهم نصيبه، واستحق الشركاء الشفعة، فشهد اثنان منهم على الثالث بالعفو، ثبتت شهادتهما ان شهدا بعد ما عفوا وإن شهدا قبله لم تقبل؛ لأنهما يجران الشقص إلى أنفسهما، فلو عفوا ثم أعادوا بتلك الشهادة لم تقبل أيضًا للتهمة، وإن شهدا بعد ما عفا أحدهما قبلت شهادة العافي دون الآخر، فيحلف المشتري مع العافي، ويثبت العفو، ولو شهد البائع على عفو الشفيع قبل قبض الثمن لم يقبل؛ لأنه قد لا يقصد الرُّجوع بتقدير الإفلاس، وإن كان بعد القبض فوجهان؛ لأنه ربما يتوقع الرجوع إلى العين لسبب من الأسباب، ولو أقام المشتري على عفو الشفيع بينه، وأقام المشتري بيِّنة على أنه أخذ بالشفعة، والشقص في يده، فبيِّنة الشفيع أولى لتقويها باليد، أو بيِّنة المشتري لزيادة علمها بالعفو؟ فيه وجهان:

أظهرهما: الثاني، ولو شهد السيد على شراء شقص فيه شفعة لمكاتبه، فعن الشيخ أبِي مُحَمَّدٍ: قَبُول شهادته.

قال الإمام: كأنه أراد أن يشهد للمشتري إذا ادعى الشراء ثم إذا ثبت الشراء فيجوز أن تثبت الشفعة تبعًا أما شهادته لمكاتب فإنها لا تقبل بحال، ولو كان الشفيع صبيًا،


(١) قال النووي: الأول أصح، وبه قطع صاحب "التنبيه" وآخرون، هكذا ذكر الوجهين صاحب "الشامل" وآخرون، وذكر القاضي أبو الطيب، وصاحب "المهذب" وآخرون في جواز أخذ الشفيع من البائع وجهين، وقطع صاحب "التنبيه" بالمنع. وصحح المتولي الجواز، ذكره في باب حكم البيع قبل القبض. ينظر روضة الطالبين ٤/ ١٩٢ - ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>