للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتعة (١) هو المؤقت- سمي به؛ لأن العِوَضَ منه مُجَرَّدُ التَّمَتُّعِ دون التوالد، وسائر


= عام واحد، الخامس: غزوة تبوك رواه الحازمي من طريق عباد بن كثير عن ابن عقيل عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله إلى غزوة تبوك حتى إذا كنا عند الثنية مما يلي الشام، جاءتنا نسوة تمتعنا بهن يطفن برجالنا فسألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنهن وأخبرناه فغضب وقام فينا خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، ونهى عن المتعة، فترادعنا يومئذٍ ولم نعد، ولا نعود فيها أبداً. فبها سميت يومئذٍ ثنية الوداع، وهذا إسناد ضعيف، لكن عند ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة ما يشهد له، وأخرجه البيهقي من الطريق المذكورة بلفظ: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك فنزلنا ثنية الوداع. فذكره، ويمكن أن يحمل على أن من فعل ذلك لم يبلغه النهي الذي وقع يوم الفتح، ولأجل ذلك غضب -صلى الله عليه وسلم-، السادس: حجة الوداع رواه أبو داود من طريق الربيع بن سبرة قال: أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله نهى عنها في حجة الوداع، ويجاب، عنه بجوابين، أحدهما، أن المراد بذكر ذلك في حجة الوداع إشاعة النهي والتحريم لكثرة من حضرها من الخلائق، والثاني احتمال أن يكون انتقل ذهن أحد رواته من فتح مكة إلى حجة الوداع؛ لأن أكثر الرواة عن سبرة أن ذلك كان في الفتح، والله أعلم.
(١) أصل المتعة في اللغة: الانتفاع، يقال: تمتعت بكذا، واستمتعت بمعنى والاسم المتعة. قال الجوهري: ومن متعة النكاح ومتعة الطلاق، ومتعة الحج لأنه انتفاع، والمراد بالمتعة هنا أن يتزوج الرجل المرأة مدة من الزمن سواء أكانت المدة معلومة، مثل أن يقول زوجتك ابنتي مثلاً شهراً. أو مجهولة مثل أن يقول زوجتك ابنتي إلى قدوم زيد الغائب، فهذا انقضت المدة، فَقَدْ بَطَلَ حكم النكاح، وإنما سمي النكاح لأجل بذلك لانتفاعها بما يعطيها، وانتفاعه بقضاء شهوته، فكان الغرض منها مجرد التمتع دون التوالد، وغيره من أغراض النكاح.
وقد كانت المتعة منتشرة عند العرب في الجاهلية، فكان الرجل يتزوج المرأة مدة ثم يتركها من غير أن يرى العرب في ذلك غضاضة، فلما جاء الإِسلام أقرهم على ذلك في أول الأمر، ولم نعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المتعة إلا في غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة، فقد روي عن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنْ مُتعَة النِّسَاء يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلُ لُحُوم الْحَمْرِ الإِنْسِيَّةِ" واستمر الأمر على ذلك، حتى فتح مكة حيث ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أباحها ثلاثة أيام، وفي بعَض الروايات أنه أباحها يوم أوطاس، ولكن الحقيقة أن ذلك كان في يوم الفتح، ومن قال يوم أوطاس، فذلك لاتصالها بها ثم حرمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك إلى يوم القيامة.
فيعلم من هذا أن المتعة كانت مباحة قبل خيبر، ثم حرمت في خيبر، ثم أبيحت يوم الفتح، ثم حرمت بعد ذلك إلى يوم القيامة، فتكون المتعة مما تناولها التحريم والإِباحة مرتين.
وقد نشأ من هذا الاختلاف في المتعة بين الصحابة، فمنهم من يرى أن إباحة المتعة قبل خيبر كانت للضررة وللحاجة، ثم لما ارتفعت الحاجة في خيبر نهى عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم لما تجددت الحاجة عام الفتح أذن فيها، ولما ارتفعت الحاجة نهى عنها، وعليه فتكون المتعة مباحة عند الحاجة، وبهذا كان يقول ابن عباس رضي الله عنهما إلا أنه رجع عنه كما سيأتي بيانه ومنهم من يرى أن نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المتعة يوم خيبر كان نسخا لها، ثم رفع النسخ في يوم الفتح ثلاثة أيام، ثم نسخت بعد ذلك إلى يوم القيامة، وإلى هذا ذهب جمهور الصحابة.
وقد اختلف الفقهاه بعد ذلك في المتعة هل هي محرمة فتكون من الأنكحة الفاسدة، أو مباحة =

<<  <  ج: ص:  >  >>