للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ، (ح) وَهُوَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَيْهِ كَذَلِكَ ثُمَّ يُخْرِجَهُمَا مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ، وَيُمَكِّنُ ورْكَهُ مِنَ الأَرْضِ.

قال الرافعي: أدرج في هذا الركن أركانًا ثلاثة: القعود، والتشهد، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو فصل القعود والتشهد، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عنهما لجاز، كما فصل القيام عن القراءة، فإن القيام للقراءة كالقعود لهما، وهكذا فعل في ترجمة الأركان، وعدها ثلاثة:

وفقه الفصل: أن التشهد والقعود ينقسمان إلى واقعين في آخر الصلاة، كتشهد الصبح، وتشهد الركعة الرَّابعة من الظهر إلى واقعين لا في آخر الصلاة، كالتشهد بعد الثانية من الظهر.

فالأول: من القسمين مفروض.

والثاني: مسنون، ثم لا يتعين للقعود هيئة متعينة فيما يرجع إلى الأجزاء، بل يجزئه القعود على أي وجه كان، لكن السُّنَّة في القعود في آخر الصلاة التورك، وفي القعود الذي لا يقع في آخرها الافتراش، وقال أحمد: إن كانت الصلاة ذات تشهدين تَوَرَّكَ في الأخير وإن كانت ذات تشهد واحد افترش فيه، والافتراش أن يضجع الرِّجْلَ اليسرى، بحيث يلي ظهرها الأرض، ويجلس عليها، وينصب اليمنى، ويضع أطراف أصابعها على الأرض متوجهة إلى القبلة. والتورك: أن يخرج رجليه وهما على هيأتهما في الافتراش من جهة يمينه، وبمكن الورك من الأرض. وقال أبو حنيفة: السُّنة في القعودين الافتراش. وقال مالك: السنة فيهما التَّورُّكَ.

لنا ما روي عن أبي حميد الساعدي أنه وصف صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ على رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الْيُمْنَى، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ، قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الأخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مِقْعَدَتِهِ (١).

والفرق من جهة المعنى أن المصلي في التشهد الأول مستوفز (٢) للحركة، يبادر إلى القيام عند تمامه، وذلك عن هيئة الافتراش أهون، وأما الجَلْسَة الأخيرة فليس بعدها عمل فيناسبها التورك الذي هو هيئة السكون والاستقرار، ويترتب على هذه القاعدة مسألتان:

إحداهما: المسبوق إذا جلس مع الإمام في التشهد الأخير يفترش ولا يتورك، نص عليه؛ لأنه مستوفز يحتاج إلى القيام عند سلام الإمام، ولأنه ليس آخر صلاته،


(١) أخرجه البخاري (٨٢٨) وقد تقدم.
(٢) في ط مستوفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>