للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتورك إنما ورد في آخر الصلاة. وحكى الشيخ أبو محمد وجهاً عن بعض الأصحاب أنه يتورك متابعة للإمام. وذكر أبو الفرج البزاز: أن أبا طاهر الزيادي، حكى في المسألة هذين الوجهين، ووجهًا ثالثاً أنه إن كان محل تشهد المسبوق كان أدرك ركعتين من صلاة الإمام جلس منتصباً وإلا جلس متوركًا؛ لأن أصل الجلوس لمحض المتابعة، فيتابعه في هيئته أيضاً، والأكثرون على الوجه الأول.

الثانية: إذا قعد في التشهد الأخير وعليه سجود سهو فهل يفترش أم يتورك؟ فيه وجهان:

أحدهما: يتورك؛ لأنه قعود آخر الصلاة.

قاله الروياني في "التلخيص" وهو ظاهر المذهب.

والثاني: أنه يفترش، ذكره القفال، وساعده الأكثرون؛ لأنه يحتاج بعد هذا القعود، إلى عمل وهو السجود، فأشبه التشهد الأول، بل السجود عن هيئة التورك أعسر من القيام عنها، فكان أولى بأن لا يتورك، وأيضاً فلأنه جلوس يعقبه سجود، فأشبه الجلوس بين السجدتين، وينبغي أن يعلم قوله: (والتشهد الأول مسنون) بالألف، لأن أحمد يقول بوجوبه.

لنا أنه -صلى الله عليه وسلم- "قَامَ مِنَ اثْنَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، وَلَمْ يَجْلِسْ، فَسَبَّحَ النَّاسُ لَهُ، فَلَمْ يُعِدْ، فَلَمَّا كَانَ آَخِرَ صَلاَتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ ". ولو كان واجباً لعاد إليه، ولما جبره السجود، ولا تخفى سائر المواضع المستحقة للعلامات.

وقوله: (ويضع أطراف الأصابع على الأرض) كذلك، أي منتصبة.

وقوله في التورك: (أن يضع رجليه كذلك) أي على هيئتهما في الافتراش، فاليمنى منصوبة مرفوعة العقب، واليسرى مضجعة.

قال الغزالي: ثُمَّ يَضَعُ اليَدَ الْيُسْرَى عَلَى طَرَفِ الرُّكْبَةِ مَنْشُورَةً مَعَ التَّفْرِيجِ الْمُقْتَصِدِ، وَاليَدُ اليُمْنَى يَضَعُهَا كَذلِكَ لَكِنْ يَقْبِضُ الخِنْصَرَ وَالبِنْصَرَ وَالْوُسْطَى وَيُرْسِلُ المُسَبِّحَةَ، وَفِي الإِبْهَامِ أَوْجُهٌ قِيلَ يُرْسِلُهَا وَقِيلَ: يُحَلِّقُ الإِبْهَامَ وَالوُسْطَى، وَقِيلَ يَضُمُّهَا إلَى الوُسْطَى المَقْبُوضَةِ كَالقَابِضِ ثَلاَثاً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ يَرْفعُ مُسَبِّحَتَهُ فِي الشَّهَادَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: اِلاَّ الله، وَفِي تَحْرِيكِهَا عِنْدَ الرَّفْعِ خِلاَفٌ.

قال الرافعي: السنة في التشهدين جميعاً، أن يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلاَةِ، وَضعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى" (١).


(١) أخرجه مسلم (٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>