للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحهما: ويروى عن مالك: أنها تسن؛ لأنها ذكرت، يجب في الجلسة الأخيرة، فيسن في الأولى كالتشهد، وأما الصلاة فيه على الآل، فتبنى على إيجابها في التشهد الأخير، إن أوجبناها ففي استحبابها في الأول الخلاف المذكور في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن لم نوجبها -وهو الأصحّ- فلا نستحبها في الأول، وإذا قلنا: لا تسن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأول فصلى عليه كان ناقلاً للركن إلى غير موضعه، وفي بطلان الصلاة به كلام يأتي في "باب سجود السهو" وكذا إذا قلنا: لا يصلي على النّبي

-صلى الله عليه وسلم- في القنوت، وهكذا الحكم إذا أوجبنا الصلاة على الآل في الأخير، ولم نستحبها في الأول فأتى بها. وآل النبي -صلى الله عليه وسلم- بنوا هاشم، وبنوا المطلب، نص عليه الشَّافعي -رضي الله عنه-. وفيه وجه: أن كل مسلم آله.

قال الغزالي: ثُمَّ أَكْمَلُ التَّشَهُّدِ مَشْهُورٌ، وَأَقَلُّهُ التَّحِيَّاتِ لِلَّهِ سَلاَمٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ سَلاَمٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ اِلَهَ إِلاَّ الله وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَهُوَ الْقَدْرُ المُتَكَرِّرُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، وَأَوْجَزَ ابْنُ سُرَيْجٍ بِالْمَعْنَى، وَقَالَ: التَّحِيَّات لِلَّهِ سَلاَمٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ سَلاَمٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيَنَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ اِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ.

قال الرافعي: الكلام في أكمل التشهد، ثم في أقله: أما أكمله، فاختار الشافعي -رضي الله عنه- ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو: "التَّحِيَاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، سَلاَمٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَرَحْمَةُ اللهِ، وَبَرَكَاتُهُ، سَلاَمُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ" هكذا روى الشافعي -رضي الله عنه- (١).

وروى غيره: "السَّلاَمُ عَلَيْكَ"، "السَّلاَمُ عَلَيْنَا"، بإثبات الألف واللام، وهما صحيحان، ولا فرق وحكى في "النهاية" عن بعضهم؛ أن الأصل إثبات الألف واللام.

وقال أبو حنيفة وأحمد: والأفضل ما رواه ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطِّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" (٢).

وقال مالك: الأفضل أن يتشهد بما علمه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الناس على المنبر وهو: "التَّحِيَّات لله، الزَّاكِيَات لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلاَمُ


(١) أخرجه مسلم (٤٠٣).
(٢) أخرجه البخاري (٨٣١) ومسلم (٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>