للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: أَمَّا التَّشَهُّدُ الأَخِيرُ فَواجِبٌ (ح م) وَالصَّلاةُ عَلَى الرَّسُولِ عليه السلام وَاجِبَةٌ مَعَهُ (ح م) وَعَلَى الآلِ قَوْلاَنِ، وَهَل تُسَنُّ الصَّلاَةُ عَلَى الرَّسُولِ فِي الأَوَّلِ؟ قَوْلاَنِ:

قال الرافعي: القعود للتشهد الأخير، والتَّشهد فيه واجبان خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: القعود بقدر التشهد واجب، ولا يجب قراءة التشهد فيه، ولمالك حيث قال: لا يجب لا هذا ولا ذاك.

لنا أن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ: السَّلاَم عَلَى اللهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ" إلى آخره (١)، دل على أنه قد فرض، ثم التشهد الأخير، إنما يكون لصلاة لها تشهد أول، وقد تكون الصلاة بحيث لا يشرع فيها إلا تشهد واحد كالصبح والجمعة، فحكمه حكم التشهد الأخير، في ذات التشهدين، والعبارة الجامعة أن يقال: التشهد الذي يعقبه التحلل عن الصلاة واجب.

وتجب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد الواجب، خلافاً لأبي حنيفة ومالك.

لنا ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَقْبَلُ الله صَلاَةً إِلاَّ بِطُهُورٍ وَالصَّلاَةِ عَلَيَّ" (٢).

وهل تجب الصلاة على الآل؟ فيه قولان وبعضهم يقول: وجهان:

أحدهما: تجب لظاهر ما روي أنه قيل: يا رسول كيف نصلي عليك؟ فقال: "قُولُوا اللَّهُمَّ صَلّي عَلَى محَمَّدٍ، وَعَلَى آل مُحَمَّدٍ" (٣).

وأصحهما: لا؛ وإنما هي سنة تابعة للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهل يسن الصلاة على الرسول في التشهد الأول؟ فيه قولان:

أحدهما: -وبه قال أبو حنيفة وأحمد- لا؛ لأنها مبنية على التخفيف؛ روى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كان في التشهد الأول (٤) كمن يجلس على الرضف" (٥) وهي الحجارة المحماة، وذلك يشعر بأنه ما كان يطول بالصَّلاَةِ والدعاء.


(١) أخرجه الدارقطني (١/ ٣٥٠)، والبيهقي (٢/ ١٣٨) وقال إسناده صحيح.
(٢) أخرجه الدارقطني (١/ ٣٥٥) والبيهقي وضعفاه.
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٧٠) ومسلم (٤٠٦) من حديث كعب بن عجرة والبخاري (٣٣٦٩) ومسلم (٤٠٧) ومن حديث أبي حميد.
(٤) سقط في ب.
(٥) أخرجه الشافعي (٢٦١) وأبو داود (٩٩٥) والترمذي (٣٦٦) والنسائي (٢/ ٢٤٣)، قال ابن الملقن: ذكره ابن السكن في صحاحه، وفي ذلك وقفة؛ لأن أبا عبيدة إذا لم يسمع من أبيه يكون الحديث منقطعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>