للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول: هو الذي ذكره صاحب "التهذيب"، وغيره.

والأولى أن يقول: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آَلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".

روى كعب بن عجرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن كيفية الصلاة عليه، فأمرهم بذلك (١).

قال الصيدلاني: ومن الناس من يزيد: "وارحم محمداً وآل محمد، كما رحمت على آل إبراهيم" وربما يقول: كما ترحمت على إبراهيم، قال: وهذا لم يرد في الخبر، وهو غير فصيح، فإنه لا يقال: ترحمت عليه، وإنما يقال: رحمته، وأما الترحم، ففيه معنى التكلف والتصنع، فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالى.

ثم يستحب الدعاء في التشهد الأخير، بعد الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وله أن يدعو بما شاء من أمر الدنيا والآخرة، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: لا يدعو إلا بما يشبه ألفاظ القرآن، وبالأدعية المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يدعو بما يشبه كلام الناس، ومن أصحابه من قال: يجزئ الدعاء بما لا يطلب إلا من الله تعالى، فأما إذا دعا بما يمكن أن يطلب من الآدميين بطلت صلاته.

وقال أحمد: إذا قال: "اللهم ارزقني جاريةً حسناءَ ونحو ذلك " فسدت صلاته؛ لما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- في آخر حديث التشهد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو" (٢). وروي أنه قال: "وَلْيَدْعُ بَعْدَ ذلِكَ بِمَا شَاءَ" (٣).

والأفضل أن يكون دعاؤه لأمور الآخرة، وما ورد في الخبر أحب من غيره.

ومن ذلك: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَّدِمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ. وأيضاً: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَعَذَاب القَبْرِ، وَفِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَفِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَالِ" (٤).

وأيضاً: "اللَّهُمَّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْتَمِ وَالْمَغْرَمِ" (٥)، "اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلمًا كَثِيراً، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِيَ مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (٦) وقوله: (ثم الدعاء بعده مسنون) أي في التشهد الأخير، فأما في الأول


(١) متفق عليه وقد تقدم.
(٢) أخرجه البخاري (٨٣٥) ومسلم (٤٠٢).
(٣) تقدم.
(٤) أخرجه مسلم (٥٨٨).
(٥) أخرجه البخاري (٨٣٢) وسلم (٥٨٩).
(٦) أخرجه البخاري (٨٣٤) ومسلم (٢٧٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>