للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكره، بل لا يصلي على الآل أيضاً على الصحيح، كما سبق، ويجوز أن يعلم قوله: (مسنون) بالواو لأنه يقتضي الاستحباب مطلقاً، وقد ذكر الصيدلاني في طريقته: أن المستحب للإمام أن يقتصر على التشهد والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ليخفف على من خلفه، فإن دعا جعل دعاؤه دون قدر التشهد، ولا يطول. وأما المنفرد: فلا بأس له بالتطويل، هذا ما ذكره، والظاهر الذي نقله الجمهور: أنه يستحب للإمام الدعاء، كما يستحب لغيره، ثم الأحب أن يكون الدعاء أقل من التشهد، والصلاة على النبي في لأنه تبع لهما فإن زاد لم يضر، إلا أن يكون إماماً فيكره له التطويل. وقوله: (وليتخير) مُعَلَّم بالحاء والألف؛ لما روينا، ويجوز أن يعلم بالواو أيضاً، لأن إمام الحرمين حكى في "النهاية" عن شيخه: أنه كان يتردد في مثل قوله: اللهم ارزقني جارية صفتها (١) كذا، ويميل إلى المنع منه وأنه يبطل الصلاة.

قال الغزالي: فَرْعٌ العَاجِزُ عَنِ التَّشَهُّدِ يَأْتِي بِتَرْجَمَتِهِ كَتَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ، وَالعَاجِزُ عَنِ الدُّعَاءِ بِالعَرَبِيَّةِ لاَ يَدْعُو بِالْعَجَمِيَّةِ بِحَالٍ، وَفِي سَائِرِ الأَذْكَارِ هَلْ يَأْتي بِتَرْجَمَتِهَا بِالْعَجَمِيَّةِ؟ فِيهِ خِلاَفٌ.

قال الرافعي: لا يجوز لمن أحسن التشهد بالعربية أن يعدل إلى ترجمته كالتكبير، وقراءة الفاتحة، فإن عجز أتى بترجمته كتكبيرة الإحرام بخلاف القرآن، لا يأتي بترجمته؛ لأن نظمه معجز كما سبق، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى الآل إن أوجبناها كالتشهد، وأما ما عدا الواجبات من الألفاظ المشروعة في الصَّلاَةِ إذا عجز عنها بالعَرَبية، فقد قَسَّمَهَا المُصَنِّفُ قسمين:

أحدهما: الدعاء، فمنعه من أن يدعو بالعجمية مطلقاً.

والثاني: سائر الأذكار كثناء الاستفتاح، والقنوت، وتكبيرات الانتقالات، وتسبيحات الركوع، والسجود، فقد روي منها في "الوسيط" ثلاثة أوجه:

أحدها: ليس له أن يأتي بترجمتها، لأنها مسنونة لا ضرورة إلى الإتيان بها.

والثاني: أنه يأتي بمعانيها، ويقيمها مقام العربية، كالتكبير والتشهد.

والثالث: ما يجيز تركه بالسجود يأتي بترجمته، وما لا فلا.

وقضية هذه الطريقة المنع من أن يأتي بالترجمة عند القدرة على العربية بطريق الأولى، ولم يجعل إمام الحرمين الدعاء قسمًا على إطلاقه لكن قال: ليس للمصلي أن يخترع دعوة بالعجمية ويدعو بها في صلاته، وإن كان له أن يدعو بغير الدعوات


(١) في أحسناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>