للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأثورة بالعربية، ثم حكى الوجوه الثلاثة في "الأذكار المسنونة"، وإيراده يشعر بالمنع من الذكر المخترع، كالدعاء المخترع، وتطرد الوجوه في الدعاء المسنون كما في سائر الأذكار المسنونة، ولا فرق، وصرح سائر الأصحاب بهذا الذي أشعر به كلامه، فقالوا: إذا عجز عن الأذكار العربية والأدعية المَسْنُونَةِ، هل يأتي بترجمتها؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه لا ضرورة إليها بخلاف الواجبات.

وأصحهما: نعم. ليجوز فضلها، ولو أحسن العربية فهل يجوز له أن يأتي بالترجمة؟ فيه وجهان:

أصحهما: لا يجوز، كما في التكبير، والتشهد، ولو فعل تبطل الصلاة وذكر في "التهذيب" هذين الوجهين فيما إذا دعا بالعَجَمِيَّةِ مع القدرة على العربية، وأْطلقها في بعض التعاليق في جميع الأذكار.

إذا عرفت ذلك فقوله: (والعاجز عن الدعاء لا يدعو بالعجمية بحال) إن أراد به الدعاء المخترع الذي لم يؤثر -كما ذكره إمام الحرمين- فلا يلزم منه المنع من أن يأتي العاجز بترجمة الدعاء المسنون بعد التشهد جزماً؛ بل يجري فيه الخلاف المذكور في سائر الأذكار، وإن أراد به مطلق الدعاء فما الفرق بين الدعاء المسنون، وبين التسبيح المسنون، ولم يمنع من ترجمة أحدهما جزماً، ويجعل ترجمة الآخر على الخلاف، ويلزم على ذلك أن لا يأتي بترجمة: "اللهم اغفر لي وارحمني". في الجلوس بين السجدتين، وظاهر لفظه الاحتمال الثاني، ولذلك أعلم بالواو؛ إشارة إلى الوجه المجوز للترجمة مع القدرة على العربية، فإنه أولى بتجويزها عند العجز، ويجوز أن يعلم بالحاء أيضاً؛ لأن أبا حنيفة يجوز ترجمة القرآن، وإن كان قادراً على نظمه، فترجمة الدعاء عند العجز أولى، بأن يجوزها، واعلم أنه إذا حمل كلامه على المحمل الثاني أشبه أن يكون هو منفرداً بنقل الفرق بين الدعاء وغيره، -والله أعلم-.

قال الغزالي: الرُّكْنُ السَّابِعُ السَّلاَمُ وَهُوَ وَاجِبٌ، وَلاَ يَقُومُ (ح) مَقَامَهُ أَضْدَادُ الصَّلاَةِ، وَأَقَلُّهُ أَنْ يَقُولَ، السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، وَلَو قَالَ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ فَوَجْهَانِ، وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الخُرُوجِ وَجْهَانِ، وَأكْمَلُهُ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ مَرَّتَيْنِ (ح م) فِي الجَدِيدِ مَعَ الالْتِفَاتِ مِنَ الجَانِبَيْنِ بِحَيْثُ تُرَى خَدَّاهُ وَمَعَ نِيَّةِ السَّلاَمِ عَلَى مَنْ عَلَى جَانِبَيْهِ مِنَ الجِنِّ وَالإنْسِ وَالمَلاَئِكَةِ، وَالمُقْتَدِي يَنْوِي الرَّدَّ عَلَى إِمَامِهِ بِسَلاَمِهِ.

قال الرافعي: لما وصف السلام بكونه ركنًا، فلو لم يقل -وهو واجب- لما ضره؛ لأن ركن الصلاة لا بد وأن يكون واجباً، وإذا ذكرهما، فينبغي أن يعلما بالحاء، وكذلك قوله: (ولا يقوم مقامه أضداد الصلاة). لأن عند أبي حنيفة لو أتى بما ينافي

<<  <  ج: ص:  >  >>