للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم من قال: معناه حتى يرى خداه من كل جانب.

ومنهم من قال: حتى يرى من كل جانب خده، وهو الصحيح؛ لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضَ خَدِّهِ الأَيْمَنِ، وَعَنْ يَسَارِهِ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الأَيْسَرِ" (١).

ثم المصلي إن كان إماماً فيستحب له أن ينوي بالتسليمة الأولى السلام على من على يمينه من الملائكة، وعلى [ومسلمي] الجن والإنس، وبالثانية السلام على من على يساره منهم، والمأموم ينوي مثل ذلك.

ويختص بشيء آخر: وهو أنه إن كان على يمين الإمام ينوي بالتسليمة الثانية الرد على الإمام، وإن كان على يساره ينويه بالتسليمة الأولى، وإن كان في محاذاته ينويه بأيهما شاء، وهو في التسلمية الأولى أحب، ويحسن أن ينوي بعض المأمومين الرد على البعض، وروي عن سمرة قال: "أَمَرَنَا رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَنْفُسِنَا، وأنْ يَنْوِيَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضَ" (٢)، وقال علي -رضي الله عنه-: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعاً، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا، وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعاً، يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيم عَلَى الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَربِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ تَبِعَهم مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" (٣). وأما المنفرد فينوي بهما السلام على من على جانبيه من الملائكة، وكل منهم ينوي بالتسليمة الأولى الخروج من الصلاة أيضاً إن لم نوجبها. فقوله في الكتاب: (مرتين) ينبغي أن يعلم بالميم؛ لأن المنقول عن مالك أن الاختيار للإمام والمنفرد الاقتصار على تسيلمة واحدة، وأما المأموم فيسلم تسليمتين، ويروي عنه استحباب الاَقتصار على التسليمة الواحدة مطلقاً.

وقال أحمد في أصح الروايتين: التسليمتان جميعاً واجبتان مطلقاً، فيجوز أن يعلم قوله: (مرتين) بالألف؛ لأن عنده ليس ذلك من حد الكمال، ويجوز أن يعلم به قوله: (وأقله السلام عليكم) أيضاً.


(١) أخرجه النسائي (٣/ ٦٣)، والدارقطني (١/ ٣٥٦) وقد تقدم.
(٢) أخرجه أبو داود (١٠٠١) وابن ماجة (٩٢٢) والحاكم، وقال صحيح الإسناد وهو من رواية الحسن عن سمرة واختلف في سماعه منه فقال قوم: نعم مطلقاً، وهم علي بن المديني، والبخاري، والترمذي. وقوم قالوا: لا مطلقاً، وهم يحيى بن معين، ويحيى بن سعيد القطان/ وابن حبان والبرديجي. وقوم قالوا: لم يسمع منه إلا حديث الحقيقة قاله النسائي، وابن عساكر، وادعى عبد الحق أن هذا هو الصحيح.
(٣) أخرجه الترمذي (٥٩٨) والنساني (٥٩٨) والنساني (٢/ ١١٩)، وابن ماجة (١١٦١) وقال الترمذي: حسن وقال إسحاق بن إبراهيم: إنه أحسن شيء روى في تطوع النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنهار، انظر الخلاصة (١/ ١٤٤ - ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>