للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (بحيث يرى خداه) أراد به المعنى الثاني الصحيح على ما صرح به في "الوسيط"، فليكن مرقوماً بالواو للوجه الأول.

قال الغزالي: خَاتمَةٌ: لاَ تَرْتيبَ فِي قَضَاءِ الفَوَائِتِ، لَكِنَّ الأَحَبَّ تَقْدِيمُ الفَائِتَةَ عَلَى المُؤَدَّاة إِلاَّ إِذَا ضَاقَ وَقْتُ الأَدَاءِ، فَإِنْ تَذَكَّرَ فَائِتَةٌ وَهُوَ فِي المُؤَدَّاةِ أَتَمَّ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالقَضَاءِ.

قال الرافعي: إذا فاتت الفريضة وجب قضاؤها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَليُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا" (١).

أمر المعذور بالقضاء، ويلزم مثله في حق غير المعذور بطريق الأولى، وينبغي أن يقضي على الفور؛ محافظةً على الصلاة وتبرئة الذمة، وهل يجب ذلك؟ فيه كلام أخرناه إلى كتاب الحج؛ لأن صاحب الكتاب أورد المسألة ثم. وإذا قضى فائتة الليل بالليل جهر فيها، وإن قضى فائتة النهار بالنهار لم يجهر فيها، وإن قضى فائتة الليل بالنهار أو بالعكس؟ فالاعتبار بوقت القضاء في أصح الوجهين، وبوقت الأداء في الثاني، وإذا فاتته صلاة فالمستحب في قضائها الترتيب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتته أربع صلوات يوم الخندق، فقضاها على الترتيب (٢)، ولا يستحق في قضائها الترتيب، وكذا لا يستحق الترتيب بين الفائتة وصلاة الوقت، خلافاً لمالك وأبي حنيفة وأحمد:

لنا أنها عبادات مستقلة، والترتيب فيها من توابع الوقت وضروراته، فلا يبقى معتبراً في القضاء، كصيام أيام رمضان، ولنفصل المذاهب فيه:

أما عندنا: فيجوز تقديم الفائتة المؤخرة على المقدمة، وتأخير المقدمة، ولو دخل عليه وقت فريضة، وتذكر فائتة نظر، إن كان وقت الحاضرة واسعاً فالمستحب له أن يبدأ بالفائتة، ولو عكس صحتا. وإن كان الوقت ضيقًا -بحيث لو بدأ بالفائتة لفاتته الحاضرة-، فيجب أن يبدأ بالحاضرة كيلا تفوت، ولو عكس صحتا أيضاً، وإن أساء ولو أنه تذكر الفائتة بعد شروعه في صلاة الوقت - أتمها، سواء كان الوقت واسعاً أو ضيقًا، ثم يقضي الفائتة، ويستحب أن يعيد صلاة الوقت بعدها، ولا تبطل بتذكر الفائتة الصلاة التي هو فيها، وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاةً فَذَكَرَهَا، وَهُوَ فِي صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَلْيَبْدَأْ بِالَّتِي هُوَ فِيهَا، فَإذَا فَرَغَ مِنْهَا صَلَّى الَّتِي نَسِيَ" (٣).

وقال أبو حنيفة: يجب الترتيب في قضاء الفوائت ما لم يدخل في حد التكرار،


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه الدارقطني (١/ ٤٢١)، والبيهقي (٢/ ٢٢٢)، وابن عدي في الكامل (٥/ ١٦٨٢) وضعفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>