للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - والغدر به (١).

وأما إذا كانوا قد بغوا مع البغاة المسلمين فللفقهاء في ذلك ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا ينتقض عهدهم، وحكمهم فيما فعلوا كحكم البغاة، وهو مذهب الحنفية (٢).

القول الثاني: خروج أهل الذمة مع البغاة المتأولين لا يعدُّ نقضًا للعهد، فلا يضمنوا نفسًا ولا مالًا، وإِن قاتلوا مع أهل العصبية المعاندين المخالفين للإمام العدل فهو نقض لعهدهم يوجب استحلالهم مالم يكره الذمي، وإِن كان السلطان غير عدل وخافوا جوره، واستعانوا بأهل العصبية لم يكن ذلك منهم نقضًا لعهد أهل الذمة، وهذا هو مذهب المالكية (٣).

وقال المالكية: " (إعانة الذمي للباغي المعاند ناقض للعهد): محله ما لم يكن المعاند أَكْره ذلك الذميَّ على الخروج معه على الإمام، وإلا فلا يكون ناقضًا، لكن إن قَتل ذلك الذميُّ أحدًا قُتل به ولو كان مكرهًا" (٤).

القول الثالث: لو استعان البغاة بأهل الذمة في قتالنا نُظر، إن كانوا عالمين بأنه لا يجوز لهم قتالنا، ولم يكرهوا انتقض عهدهم، وحكمهم حكم أهل الحرب، فيقتلون مقبلين ومدبرين، ولو أتلفوا بعد القتال شيئًا لم يضمنوه، وإن كانوا مكرهين لم ينتقض عهدهم.

ويقاتلون مقاتلة أهل البغي، وإن قالوا: ظننا أنه يجوز لنا إعانة بعض المسلمين على بعض، أو أنهم يستعينون بنا على الكفار، أو أنهم المحقون، لم ينتقض، وإن لم يذكروا عذرًا،


(١) انظر: مغازي الواقدي (١/ ٣٦٤ - ٣٦٧)، زاد المعاد (٣/ ١١٥) وما بعدها.
(٢) انظر: السير الصغير (ص: ٢٣٠)، المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٢٨)، حاشية ابن عابدين (٤/ ٢١٢).
(٣) انظر: النوادر والزيادات (١٤/ ٥٤٩)، الشرح الكبير للشيخ الدردير (٤/ ٣٠٠)، المختصر الفقهي لابن عرفة (١٠/ ١٧٦)، شفاء الغليل في حل مقفل خليل (٢/ ١١٠٠).
(٤) انظر: المختصر الفقهي لابن عرفة (١٠/ ١٧٦)، حاشية البناني على شرح الزرقاني (٨/ ١٠٧)، حاشية الدسوقي (٤/ ٣٠٠)، بلغة السالك (٤/ ٤٣٠).

<<  <   >  >>