للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى في "الوسيط" الأوجه الثلاثة هكذا فيما لو نذر ثلاثة أيام أو ثلاثين يوماً:

أحدها: يجب اعتكاف الليل كما في الشهر.

والثاني: لا، وهو الأصح؛ اتباعاً للفظ.

والثالث: أنه إن نذر التتابع لزمت الليالي، وألا فلا.

قال: والأوجه جارية فيما لو نذر ثلاث ليال في دخول اليومين المتخللين في نذره.

وتصوير الغزالي الخلاف فيما إذا نذر اعتكاف ثلاثة أيام أو ثلاث ليال، مراعاة لما حكاه الإمام عن المراوزة؛ فإنه قال: وقطع أصحابنا المراوزة بأن اليومين في التفصيل كاليوم الواحد، فإذا أطلقا لم يجب الاعتكاف إلا في اليوم، وهو مذهب القفال المروزي شيخهم؛ فإن صاحب "البحر" حكى عنه أنه قال: إذا قال: لله علي أن أعتكف ثلاثة أيام، دخلت الليالي في نذره، بخلاف ما لو قال: لله علي أن أعتكف يومين؛ لأن العرب يطلقون "الأيام" ويريدون: مع الليالي، وفي اليومين لا يريدون إلا النهار. قال في "البحر": وهذا حسن، لكنه خلاف ظاهر المذهب.

قال البندنيجي: ولو كان قد نذر ثلاثين يوماً أو ثلاثين [ليلة، وألزمناه الليل والنهار تبعاً - كان عليه فيما إذا نذر اعتكاف ثلاثين] يوماً ذلك واعتكاف تسعٍ وعشرين ليلة، وفيما إذا نذر اعتكاف ثلاثين ليلة ذلك واعتكاف تسعة وعشرين يوماً، وهذا موافق لما أفهمه كلام الشيخ وغيره فيما إذا نذر اعتكاف يومين: أنه لا يلزمه سوى ليلة واحدة، وهي التي بينهما، لكن قد حكى الحناطي فيما إذا قال: لله [عليّ] أن أعتكف يوماً أنه يلزمه ليلة أيضاً.

قال الرافعي: وقياس ذلك: أن يلزمه في نذر اليومين ليلتان.

قلت: وكذا في نذر ثلاثين يوماً ثلاثون ليلة، والله أعلم.

أما إذا قال: لله علي أن أعتكف يومين، ونوى بقلبه التتابع - فإن أوجبنا الليلة بينهما عند الإطلاق، فمع النية أولى، وإلا فيظهر أن يكون في لزوم التتابع الوجهان اللذان حكاهما في "البحر" فيما إذا قال: لله علي أن أعتكف شهراً، ونوى التتابع -:

<<  <  ج: ص:  >  >>