للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقضيت عمرتي، وانتظرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح حتى فرغت، وأمر الناس بالرحيل قالت:"وأتى رسول الله صلى الله عيه وسلم البيت، فطاف به، ثم خرج".

ولا يرمل في هذا الطواف، ولا يضطبع؛ لما تقدم؛ وقد نص عليه.

والوداع: بفتح الواو.

وهل هذا الطواف من المناسك؟

اختلف فيه، وأثره يظهر في المكي إذا خرج من مكة قاصداً مسافة القصر:

فالذي قاله الغزالي: إنه من المناسك، وليس على الحاج من مكة وداع لخروجه منها.

وهو في ذلك متبع للإمام؛ فإنه قال: إنه من مناسك الحج – وإن [وقع] بعدها – وليس على الحاج من مكة وداع؛ لخروجه منها؛ حتى إن الغريب لو نوى الإقامة بمكة بعد قضاء المناسك، ثم عنَّ له السفر، فلا وداع عليه.

وليس الخروج في اقتضاء [الوداع كدخول الغرباء مكة في اقتضاء] الإحرام، وإن في بعض الطرق رمزاً إلى أن المكيين إذا عنَّ لهم أن ينفروا – أي: من منى – ويخرجوا مع الغرباء: أنهم يودِّعون، وأنه لا خلاف أنهم إذا عنَّ لهم هذا بعد العود إلى مكة فلا وداع.

والذي قاله صاحب "التتمة" و"التهذيب" وغيرهما: إنه ليس من المناسك، بل يؤمر به من أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر، سواء كان مكيًّا أو آفاقيًّا.

قال الرافعي: وهذا أقرب؛ تعظيماً للحرم، وتشبيهاً لاقتضاء خروجه للوداع باقتضاء دخوله للإحرام.

ولأنهم اتفقوا كما سنذكره على أن المكي إذا حج وهو على أن يقيم بوطنه [و] لا يمر بطواف الوداع، [وكذا الآفاقي إذا حج، وأراد الإقامة بمكة، لا وداع] عليه، ولو كان من جملة المناسك، لعم الحجيج.

<<  <  ج: ص:  >  >>