للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لآكلن هذا الرغيف، ولم يقيِّده بمدة، فتلف بعد تمكنه من أكله؛] فإنه يحنث.

قال: وقيل: على قولين، وهو الأشبه، هذا ما ذهب إليه ابن سريج؛ لأن جميع اليوم وقت للأكل، ولم يكن التفويت بفعله، ويفارق المطلق؛ لأنه لم يتعين وقته.

قال الغزالي: وهذا الخلاف يلتفت على أن من مات في أثناء وقت الصلاة، هل يعصي بترك المبادرة؟ والصحيح: أنه لا يعصي؛ لأن الوقت فُسْحة للتأخير. وهذا يوافق قول الشيخ: إن الطريقة الثانية أشبه؛ كما ذهب إليه المحاملي والروياني أيضاً.

لكن الأظهر وإن ثبت الخلاف: أنه يحنث، وإليه مال الأكثرون، وهو الجواب في "التهذيب".

وإذا قلنا بالحنث، فهل هو في الحال أو قبل الغروب؟ فيه الخلاف السابق.

قال: وإن قال: لا فارقت غريمي؛ أي: حتى يوفيني حقي، فهرب منه، أي: قبل وفاء الحق – لم يحنث؛ لأنه حل على فعل نفسه، ولم يوجد منه.

قال في "الحاوي": ووهم ابن أبي هريرة؛ فخرج حنثه بفراق الغريم على قولين من حنث المكره والناسي، وهو خطأ، وهذا يقتضي أن يكون التخريج من ابن أبي هريرة. وحكى الرافعي عن أبوي علي بن أبي هريرة والطبري: أن بعض الأصحاب خرجه على قولي الإكراه، وهذا مخالف لذلك، ولا فرق على المذهب بين أن يتمكن الحالف من التعليق به فلم يفعل، أو لم يتمكن؛ لما ذكرناه من العلة؛ ولأجلها جزم ابن الصباغ بأنه لا يحنث إذا فارقه بإذنه.

وخالف ابن كج في ذلك وقال: إذا فارقه بالإذن كان حانثاً، وعليه يدل كلام الشيخ والماوردي؛ حيث قيدا المسألة بالهرب، ويمكن أن يجاب عن ذلك بما ذكره الإمام: أن الشافعي إنما صور المسألة بالفرار؛ بناء على العادة؛ فإن من يبغي ملازمة غريمه إنما تقع المفارقة منه على هيئة الفرار. وزاد الصيدلاني فقال: إن أمكنه منعه من الذهاب فلم يفعل حنث.

ويقرب منه ما حكاه في "التهذيب" عن شيخه، والإمام عن صاحب "التقريب"،

<<  <  ج: ص:  >  >>