للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن [ابن] أبي علي الثقفي: أنه لا بد من إعلام [قدر] الطريق والمجرى.

قال: وكذلك لو باع بيتاً من دار، وسمى له طريقاً، ولم يببين قدره- لا يصح.

قال القاضي: والذي عندي: أنه لا يشترط هذا الإعلام في الدعوى، ولكن يؤخذ على الشهود [إعلام] الطريق، ومسيل الماء بالذرعان؛ لأن الشهادة أعلى شأنا؛ فإنها تستقل بقوة إيجاب الحكم، بخلاف الدعوى.

واعلم أن جميع ما ذكرناه فيما إذا كان المطلوب متعيناً، فأما من حضر ليطلب ما يعينه القاضي له: كالمفوضة تطلب الفرض على قولنا: لا يجب المهر بالعقد، وكالواهب يطلب الثواب؛ إذا قلنا: إن الهبة تقتضيه، ولم يقدر الثواب- فلا يتصور إعلام وتعيين [فيه]؛ كذا قاله في "الإشراف"، ويلتحق بذلك دعوى المتعة والحكومة.

فائدة: ما ذكرناه من كلام [ابن] الصباغ، والقاضي أبي الطيب في تعليله صحة الدعوى بالمجهول، مصرح بأن الدعوى "بأنه أقر لي بكذا" مسموعة.

وقد حكى الإمام في سماع هذه الدعوى وجهين، وأنهما جاريان في صور:

منها: إذا ادعى المدعى عليه بعد قيام البينة [عليه] أن المدعي يعلم قدح شهوده، فهل تسمع دعواه للتحليف أم لا؟

وكذا فيما إذا ادعى المدعى عليه أن المدعي قد أقر له بالعين، ولم يقل: هي ملكي، بل اقتصر على دعوى الإقرار.

وكذا فيما إذا توجهت اليمين على شخص، فقال: قد حلفني مرة أخرى.

وضبط الغزالي قاعدة هذا الخلاف بأن ما ليس بعين الحق ولكن ينتفع به في الحق، هل تسمع الدعوى فيه؟ فيه خلاف، ثم استدرك، فقال: ولا خلاف أنه لا تسمع الدعوى على القاضي والشاهد بالكذب، ولا يتوجه الحلف وإن كان ينفع ذلك؛ لأنه يؤدي فتح بابه إلى فساد عظيم عام.

<<  <  ج: ص:  >  >>