للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأي هذه الثلاثة فعلها صاحب اليد، فقد خرج به من حق الطالب.

وإن امتنع من جميعها، وقد ثبت استحقاق العبد الموصوف- لم يجز أن تسقط شهادة عدول تثبت بمثلهم الحقوق، وأخذه القاضي الثاني جبراً بدفع قيمة العبد الموصوف؛ لأنه صار بالاشتباه غير مقدور عليه؛ فجرى مجرى العبد المغصوب إذا أبق، يلزم دفع قيمته.

والطريقة الثانية: طريقة الإمام ومن تبعه، وهي أن الأقوال الثلاثة والتفاريع المذكورة فيها صحيحة فيما إذا كانت العين المدعى بها مما يمكن تعريفها وتمييزها بالصفات والحلى: كالرقيق، والدواب. أما إذا كانت مما [لا] يمكن تعريفها وإن بولغ في صفتها: كأذرع من كرباس ونحوه، فلا ترتبط الدعوى فيه والحكم بالعين قطعاً؛ فإنه لا مطمع في انتهاء الوصف إلى مبلغ إفادة التمييز، بل مدعي الكرباس يصفه، ويذكر قيمته، ويرد دعواه إليها، ويقع سماع البينة بحسب ذلك، والشهود يشهدون، وتعويلهم القيمة وإن اطنبوا في الوصف، وذكر القيمة في هذا المقام متعين؛ فإنها عماد القضاء، بخلاف ذكرها في مسألة العبد ونحوها إذ جوزنا القضاء بعينه، أو سماع البينة كما تقدم؛ فإن الأظهر عندنا: أنه لا يشترط ذلك؛ فإن القيمة لا ضبط لها في هذه المنازل إذا كان المطلوب ربط القضاء بالعين، على [أن] بعض أصحابنا اعتبر ذكرها في الإعلام.

قال الرافعي: ولو بحث عن قولهما بأن الدعوى والحكم والبينة ترتبط بالقيمة دون العين؛ لولد البحث إشكالاً صعباً؛ لأن العين إن تلفت؛ فالمطالبة بالمثل أو القيمة دعوى بالدين، وليس ذلك مما نحن [فيه] في شيء، وما دامت العين باقية، فالمدعي لا يستحق القيمة؛ فكيف يطلبها، وكيف يحكم القاضي بها؟ وإن كان المراد [أنه] يدعي قدر القيمة من المال في يده، ويحكم له بذلك من غير تعيين- فهذا شيء لا عهد به، فإن كان المراد أنه يعتمد في طلب العين والحكم بها ذكر القيمة دون الصفة [والحلى؛ فهذا ذهاب إلى أنه يسمع الدعوى بالعين، ويحكم بها اعتماداً على القيمة دون الصفة، وذلك] لا يلائم نظمهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>