للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلحقه بالمطالبة ضرر، لم تصح [منه] الدعوى.

وإن لحق بها ضرر: إما بنفسه، أو بملازمته، أو في جاهه بالشناعة، وإما في ماله بالمعارضة- صحت منه الدعوى؛ ليدفع بها الضرر، وصحتها بثلاثة شروط:

أن يذكر ما طولب به: إما مفسراً، أو مجملاً؛ لأن المقصود بالدعوى ما سواه.

وأن يذكر أنه غير مستحق عليه.

وأن يذكر ما استضر به؛ لأن مقصوده الدعوى؛ ليكون الكف عنه متوجهاً إليه.

ولك أن تقول: كلام الماوردي لا يوافق كلام الشيخ؛ فإنه قال: وله في الجواب عن دعوى هذه المعارضة ثلاث أحوال:

أن يعترف بجميع ما تضمنها؛ فيمنعه الحاكم من معارضته.

أو ينكر المعارضة؛ فيخلي سبيله، ولا يمين عليه؛ لأنه لا يتعلق بالمعارضة استحقاق غرمه.

والثالثة: أن يذكر أنه يعارضه فيه بحق يصفه؛ فيصير مدعياً بعد أن كان مدعى عليه، ويصير المدعي مدعى عليه بعد أن كان مدعياً.

وكلام الشيخ يقتضي التحليف عند الإنكار.

نعم، يوافق ما ذكرناه ما حكاه الإمام في كتاب النكاح عن أبي بكر الصيدلاني فيما إذا عقد اثنان على امرأة عقد نكاح، وعلم سبق أحد العقدين، لكن لم يعلم عينه، وادعى كل واحد منهما: أن السابق عقده- أن دعواه تسمع على الآخر.

والمحكي عن غيره: أنها لا تسمع؛ فإن وضع الدعوى في الشريعة يقتضي ارتباطاً بالمستحق عليه، ثم يصدر من المستحق عليه إقرار أو إنكار، وليس واحد من المتزوجين مدعياً استحقاقاً على صاحبه، وليس في يد واحد منهما ما يدعيه صاحبه، وهذا منقدح حسن على قياس الدعاوى.

قلت: وهذا إن صح لا يمنع ما ذكرناه؛ لأن الإمام قال: والذي نراه: أنهما إذا كانا يدعيان علم المرأة بالأسبق، وكان الرجوع إليه ممكناً- فلا يسغ تحالفهما من غير مراجعة. فأما إذا اعترفا بأن الأمر مشكل عليها، فالمرأة في هذه الحالة كالشيء المدعى الذي لا يقر ولا ينكر؛ وفي هذه الحالة يجوز أن يقال: يحلفها القاضي؛

<<  <  ج: ص:  >  >>