للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من أقر النصين على ظاهرهما، وفرق بأن في البيع مثبته في ضمن منفيه ضرورة؛ لاتفاقهما على أن العقد واحد، فإذا أثبته بألف، نفاه بخمسمائة، وهنا منفيه ليس في ضمن مثبته ضرورة؛ لأنه إذا نفى ما في يده عن صاحبه، لم يصر به مثبتاً ما في يد صاحبه لنفسه؛ وهذا أصح عند الإمام والرافعي، وقد تقدم ذكره في باب التحالف، وأعدته؛ لبعد العهد به.

وعلى كل حال فمن المبدوء به في التحليف؟ فيه وجهان، صرح بهما المحاملي في كتاب الصلح في المسألة التي سنذكرها في هذا الباب، والإمام أشار إليهما هاهنا:

أحدهما: من يختاره الحاكم من غير قرعة.

والثاني: من تخرج له القرعة.

وقد صرح بمثلهما الإمام في كتاب الوديعة؛ حيث قال: إذا ادعى رجلان على شخص وديعة في يده، فقال: هي لأحدكما، ولست أعرف عينه، وامتنع عن اليمين- فإنهما يحلفان، وفيمن يبدأ به الوجهان.

قال الرافعي: ويجوز أن يقال: كل واحد منهما مدع ومدعى عليه، فينظر إلى السبق، فمن سبق دعواه بدئ بتحليف صاحبه.

وفي قدر ما يحلف عليه كل واحد منهما وجهان، حكاهما الماوردي في كتاب الصلح:

أحدهما- وهو قول البغداديين-: أنه يحلف على نصفه، وهذا ما اقتضى إيراده هنا ترجيحه، ولم يحك سواه في اليمين عند التنازع في متاع البيت، وبه جزم القاضي أبو الطيب، وقال: إنه لا يجوز أن يستحلف على الكل، ومن صار إلى أنه يحلف على الكل فقد أخطأ.

والثاني: أنه يحلف على جميعه، وهذا قول جمهور أصحابنا، يعني: البصريين.

وفي "النهاية": أنه يحلف على النصف الذي في يده يمين النفي، وعلى النصف الذي في يد صاحبه يمين الإثبات عند توجهها عليه.

ولو قال: والله إن جميع هذه الدار لي، وليس لصاحبي فيها حق ولا ملك- لم

<<  <  ج: ص:  >  >>