للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه خلاف: فإن قبلنا قول الصغير قبل قوله بعد البلوغ أيضاً، وإلا فلا يقبل.

والغزالي والإمام هاهنا قالا: لو ادعى في حال الصغر الحرية، فإن لم نقبل قوله، فعاد وادعاها بعد البلوغ؛ ففي القبول وجهان.

قال الإمام: والقياس القبول، وقد حكى ذلك القاضي- أيضاً- في موضع آخر.

قال: وإن كان مميزاً يعقل، فهو كالصغير؛ لأنه لا حكم لقوله؛ وهذا ما جزم به ابن الصباغ والبندنيجي، وصححه القاضي أبو الطيب؛ فعلى هذا: يحلفان، ويجعل بينهما؛ إذا لم يصدر من الصبي إنكار ولا اعتراف.

وقيل: هو كالبالغ؛ لأنه يقدر أن يعبر عن نفسه؛ فعلى هذا يكون الحكم برقه وحريته موقوفاً على إقراره: فإن اعترف بالرق، حكم لمن هو في يده بعبوديته، ويقسم بينهما. وإن أنكر الرق، حكم له بالحرية، ولا يحلف ىىل إنكاره إلا بعد البلوغ؛ هكذا قاله الماوردي، وأبو الطيب ادعى أنه ظاهر المذهب، وكذلك البندنيجي.

ثم قال الماوردي: ويشبه أن يكون هذان الوجهان من اختلافهم في صحة إسلامه بعد مراهقته وقبل بلوغه.

والبندنيجي وابن الصباغ والمصنف في "المهذب" حكوا الوجهين فيما إذا أنكر الصغير المميز الرق، وادعى الحرية في حال صباه، فهل يقبل قول مدعي رقه أم لا؟ كما حكاهما المراوزة، وقالوا: إن ظاهر لفظ "المختصر" مع الثاني؛ لأنه قال: ولو كان في يده صبي صغير يقول: هو عبدي، فهو كالثوب، إذا كان لا يتكلم.

[وعلى هذا يحلف الصبي بعد البلوغ، وإن الصحيح الأول.

وقول الشافعي: "لا يتكلم" عنى به: أنه ليس لكلامه حكم؛ وبهذا يجتمع في المسألة ثلاثة أوجه:

أحدها: يحكم برقه بمجرد الدعوى، سواء أقر أو أنكر.

والثاني: لا يحكم به، سواء أقر، أو أنكر.

والثالث: إن أقر به حكم به، وإلا فلا، ويحلف بعد البلوغ؛ فلو أقر بعد البلوغ

<<  <  ج: ص:  >  >>