للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن محل [سماع] بينة صاحب اليد- وهو المسمى بالداخل- بالاتفاق: ما إذا أقام من ليست العين في يده- وهو المسمى بالخارج- البينة بأنها ملكه، وعدلت، ولم يبق إلا الحكم.

أما إذا أقامها قبل أن يدعي عليه، أو بعد الدعوى عليه، وطلب اليمين- فقد تقدم أن المذهب عدم السماع.

وإذا أقامها بعد إقامة الخارج البينة، وقبل أن تعدل ففي السماع خلاف [مرتب على] الخلاف في إقامتها بعد الدعوى وطلب اليمين:

فإن قلنا بالسماع ثم، فهاهنا أولى، وإلا فوجهان:

أحدهما: لا تسمع- أيضاً- لأنه مستغن عنها بعد.

وأصحهما: السماع؛ لأن يده بعد إقامة البينة مشرفة على الزوال، فتمس الحاجة إلى تأكدها، ودفع الطاعن فيها.

وفي كل حال من الأحوال الأربعة المذكورة هل يكفي إطلاق الشهادة بالملك، أم لا بد من بيان سببه من شراء، أو إرث، ونحوهما؟ فيه وجهان في كتب المراوزة، وقولان في "الحاوي" و"تعليق" البندنيجي:

أحدهما: لا بد من البيان؛ لأن البينة قد تعتمد في الشهادة بالملك ظاهر اليد، فكأنها لا تدل على أكثر مما تدل عليه اليد. وهذا ما نسبه الماوردي والبندنيجي إلى القديم، والإمام إلى بعض الضعفة، وقال: إنه ليس بشيء.

وأصحهما في "تعليق" القاضي الحسين، و"الرافعي"، وغيرهما، وهو الجديد في "الحاوي" و"تعليق" البندنيجي: أنه يكفي الإطلاق؛ كما في بينة الخارج؛ فإنها تقبل مطلقة مع احتمال أن الشهود اعتمدوا يداً سابقة. وهذا ما فرعنا عليه من قبل.

ولو أقام الداخل البينة بالملك بعد الحكم للخارج، وتسلمه العين- فقد أطلق في "المهذب" القول بأنها تسلم للذي كان داخلاً، وانتزعت منه؛ وكذلك قاله الماوردي، وأبو الطيب، وادعى فيه الإجماع، وهو ما يقتضيه كلام ابن سريج في الفرع الذي سنذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>