للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وفي الاستعمال ثلاثة أقوال:

أحدها: يوقف إلى أن ينكشف، أو يصطلحا؛ لأن إحداهما صادقة، والأخرى كاذبة؛ فكان كالمرأة إذا زوجها وليان: أحدهما بعد الآخر، ونسي السابق.

وهذا ما خرجه البغداديون للشافعي، وقال الإمام: إنه أعدل الأقوال في الاستعمال. وهو في ذلك متبع للقاضي الحسين؛ [فإنه كذا قال] في باب الدعوى في الميراث، وقد امتنع البصريون- كما قال الماوردي- من تخريجه، وهو الأشبه؛ لأن وقف البينة على البيان يوجب الحكم بالبيان دون البينة. والرافعي نسب هذا القول إلى رواية أبي الفياض.

والثاني: يقسم بينهما، أي: إذا كان قابلاً للقسمة، بمعنى: أنه لا استحالة فيه، لا بمعنى الانقسام في الحس والعيان.

ووجهه: ما روى سَعِيْدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيْراً- أَوْ دَابَّةً- وَشَهِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَانِ، فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وقد خرجه أبو داود بإسناد كلهم ثقات.

ولأن البينة أقوى من اليد، وقد ثبت أنهما إذا تساويا في اليد جعل بينهما؛ فوجب إذا تساويا في البينة أولى أن يكون بينهما.

قال الإمام: وهذا ما نقله المزني عن اختيار الشافعي، [وليس مساعداً عليه؛ فإن الإمام الشافعي] أبطله في مواضع، وقال: من قال بالقسمة، دخلت عليه شناعة؛ فإنه ليس قاضياً بواحدة من البينتين.

قال في "البحر": وإذا قلنا: يقسم، وكان الشيء في أيديهما – هل يحلف كل واحد منهما لصاحبه في النصف الذي أصابه؟ فيه وجهان؛ كما لو كان الكل في يد أحدهما.

فإن قلت: الوجهان في الأصل الذي قاس عليه مبنيان على قول التساقط والاستعمال: فإن قلنا بالتساقط حلف، وإلا فلا، وقول القسمة هاهنا مفرع على قول

<<  <  ج: ص:  >  >>