وإن كان تأريخ البينتين واحداً، أو كان مطلقاً، أو كان أحدهما مطلقاً، والآخر مقيداً- فإن كان في يد المشتري فهل تترجح بينته بيده؟ فيه وجهان في "الحاوي"، وعليهما بنى الوجهين في الفرع قبله؛ كما ذكرنا، والذي جزم به القاضي أبو الطيب: الترجيح.
ولو كان العبد في يد البائع، فهل تترجح بينة أحدهما بتصديقه؟ فيه الخلاف السابق:
فإن رجحنا به: فإن صدق مدعي الشراء، لم يرجع عليه العبد بشيء، وإن صدق العبد، حكم بعتقه، وسقطت بينة بيعه، وهل لمشتريه أن يرجع [عليه] بالثمن ببينة؟ فيه قولان في "الحاوي"؛ بناء على أن الرد في البعض هل يوجب الرد في الكل؟
وإن قلنا: لا تأثير لتصديقه، فعن المزني تخريج قول للشافعي: أن تقديم بينة العبد أولى؛ لأن العبد في يد نفسه، وبينة صاحب اليد مقدمة.
وضعفه الأصحاب، وامتنعوا من إثباته قولاً، وقالوا: إنما يكون في يد نفسه أن لو كان حراً؛ على أن الحر هل يثبت له يد على نفسه؟ الذي حكاه الأكثرون- كما هو في "الحاوي"-[لا]؛ خلافاً لأبي إسحاق المروزي.
ثم على الصحيح في عدم ترجيح بينة العبد، ينظر: إن كان التاريخ واحداً تعارضت البينتان، وإن كانت البينتان مطلقتين، أو إحداهما مطلقة، والأخرى مؤقتة- ففي التعارض الطريقان:
منهم من قال: لا تعارض؛ لأن التكاذب لا يتحقق وجوده.
ومنهم من قطع بالتعارض؛ وعلى هذا ففي المسألة قولان:
فإن قلنا بالتهاتر، فالحكم كما لو لم تقم بينة؛ كذا قاله الرافعي، وقال: إن الحكم فيما إذا لم تقم بينة: أن للعبد ومدعي الشراء تحليف من هو في يده، ويحلف لكل منهما يميناً، فإن أقر بالعتق يثبت، ولم يكن للمشتري تحليفه إن قلنا: إن