للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من البينتين، لكن لا تنزع من يده قبل بت الحكم من المتنازعين، وقد تعارضت البنيتان فيه ملكاً في حق البائعين، ومبيعاً في حق المشترين، فإن قلنا بإسقاط البينتين، كان [كل] واحد من البائعين خصماً للآخر في ملكه، وكل [واحد] من المشترين خصماً لبائعه في ابتياعه؛ فيتحالف البيعان على ملكه: فإن حلفا حكم لهما، وإن نكلا جعل بينهما، وإن حلف أحدهما، ونكل الآخر، فهل ترد يمين النكول على مدعي ابتياعه؟ على قولين من اختلاف قوليه في غرماء المفلس: فإن قلنا: إنها ترد عليهم، ردت على المشتري منه، وإلا فلا.

ثم إن حكم بالعين للبائعين، صار كل واحد من المشتريين مدعياً على بائعه بابتياعه جميع العين، ودفع ثمنه، فإن صدقه مبتاعه على دعواه، صح البيع في النصف الذي صار إليه، وبطل في نصفه الذي كان في ملك غيره، وثبت للمشتري الخيار، وإن أكذبه بائعه في ابتياعه، حلف له، ولا بيع بينهما، وهل يستحق عليه الرجوع بثمنه الذي شهدت به بينته؟ فيه قولان من اختلاف قوليه في أن الشهادة إذا ردت في بعض ما شهدت به، هل يوجب ردها في باقيه.

وإن حكم بالعين لأحد البائعين، كان الحكم بينه وبين المشتري منه في الكل كما ذكرناه في النصف، إلا أنه لا خيار له إذا صح البيع هاهنا، والمشتري الآخر هل يرجع بالثمن الذي بذله على بائعه بمقتضى بينته؟ فيه القولان.

وإن قلنا بالاستعمال بالقرعة، فأيهما خرجت له القرعة، حكم له، وفي إحلافه قولان، وردت البينة المقروعة في ملك الآخر وبيعه، ولم ترد فيما شهدت به من دفع الثمن قولاً واحداً؛ لأنه لم يكن ردها إسقاطاً، وإنما كان ترجيحاً.

وإن قلنا بالاستعمال بالقسمة، قسمنا العين بين المشتريين نصفين، ولكل واحد منهما الخيار في إمضاء البيع في نصفه بنصف الثمن، واسترجاعه باقيه، أو فسخ البيع واسترجاع جميع ثمنه، والله أعلم.

أما إذا كانت العين في يد أحد البائعين، فقد قال الشيخ في "المهذب"، والقاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ: إن الحكم كما إذا كانت في يد ثالث؛ كما

<<  <  ج: ص:  >  >>