للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الطريقة التي حكاها الإمام وغيره: أن محل الاستعمال إذا لم تتكاذب البينتان صريحاً، أما إذا تكاذبتا فلا؛ لأن هنا التكاذب صريح، والله أعلم.

قال: وإن شهد شاهدان: إنه أعتق سالماً- أي: في مرض موته- وهو ثلث ماله، وشهد آخران: إنه أعتق غانماً، وهو ثلث ماله، ولم يعلم الأول منهما- أي: وقد تحقق أن أحدهما بعد الآخر- ففيه قولان:

أحدهما: يعتق من كل واحد منهما نصفه؛ لتساويهما، وتعذر القرعة؛ إذ ربما خرج سهم الرق [على الحر] فيصير رقيقاً، وعلى العكس، فإذا أعتقنا من كل واحد نصفه، عتق نصف المقدم، وعتقه مستحق، ورق نصف المتأخر، ورقه مستحق.

وأيضاً: فإنه لو شهد شاهدان: إنه أوصى لهذا بثلثه، وشهد آخران: إنه أوصى لآخر بثلثه- قسم بينهما؛ فكذلك هاهنا؛ وهذا ما نص عليه في "المختصر" في باب الشهادة في الوصية، وهو الذي رجحه الروياني وغيره، وقال البندنيجي: إن أبا إسحاق وابن سريج قطعا به.

والثاني: يقرع بينهما؛ لامتناع الجمع بينهما، وعدم المزية في أحدهما؛ فكان إكمال الحرية في أحدهما أولى من تبعيضها فيهما؛ وهذا ما نص عليه في "الأم"، واختاره المزني وآخرون، ومنهم من قطع به، وحمل قول الشافعي في "المختصر" على ما إذا شهدت البينتان بالوصية بالعتق لا بتنجزه.

ومنهم من أجرى القولين في التنجيز والوصية؛ كذا قاله القاضي الحسين وغيره، والقولان في مسألة الكتاب- كما قال جماعة من الأئمة- كالقولين في الجمعتين والنكاحين في مثل هذه الحالة، فإن قلنا ببطلان النكاحين والجمعتين، أقرعنا هاهنا كما لو وقعتا معاً.

وإن توقفنا في النكاحين، وأمرنا الجميع بالظهر- أعتقنا من كل واحد منهما نصفه.

وقد فرع الماوردي وغيره على القولين في الكتاب إذا كانت قيمة أحدهما ثلث

<<  <  ج: ص:  >  >>