للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يدعيه- فإن بينتها أولى؛ لما ذكرناه.

قال الإمام: وبينة الاستصحاب لا تصادم البينة الناقلة إلا بالنفي، والشهادة على النفي مردودة.

وهذا ما وقفت عليه في كتب العراقيين والمراوزة، وفي "الحاوي" حكاية وجه: أنه يأتي في هذه المسألة قولا التعارض، والاستعمال؛ فإنه [قال]: للبينتين في إقامة هذه الشهادة أربع أحوال:

الحالة الأولى: أن تطلقا الشهادة، فيقول شهود المسلم: إن أباه مسلم، ويقول شهود النصراني: إن أباه نصراني – فيحكم بشهادة الإسلام؛ لأنها أزيد علمًا؛ لأن نصرانيته أصل، وإسلامه حادث؛ فصار كالشهادة بالجرح والتعديل، [يحكم بالجرح على التعديل]، ويجعل المسلم وارثاً.

الحالة الثانية: أن تقيدا الشهادة، فتقول بينة المسلم: إن آخر كلامه عند الموت [الإسلام، وبينة النصراني: إن آخر كلامه عند الموت] التثليث، والحكم كما سيذكره الشيخ.

ثم قال: فلو شهدت بينة المسلم: إن أباه مات مسلمًا، وبينة النصراني: إن أباه مات نصرانياً- فقد اختلف الأصحاب: هل تحمل هذه الشهادة على التقييد؛ لأن كل واحدة منهما شهدت بدينه عند الموت؛ حتى تأتي فيه أقوال التعارض والاستعمال، أو يحمل على الإطلاق؛ لأنهما استصحبا ما تقدم من حاله، ولم يقطعا بدينه عند خروج روحه؛ فلا تعارض، ويكون الميراث للمسلم؟ على وجهين.

الحالة الثالثة: أن [تكون] الشهادة بالإسلام مطلقة، وبالنصرانية مقيدة – فلا تعارض؛ لأنه قد يسلم، ثم يرتد بعد إسلامه إلى النصرانية؛ فتصح الشهادتان، ويحكم بارتداده بعد الإسلام، ولا يرثه واحد من ابنيه، ويكون ماله فيئًا لبيت المال.

الحالة الرابعة: أن تكون الشهادة بالإسلام مقيدة، وبالنصرانية مطلقة – فلا تعارض، ويكون ميراثه للمسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>