للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخذه حكم الغاصب؛ فيجب [عليه] رده، ولو كان من جنس دينه، ولا يكون تقاصًّا وإن رأينا التقاص؛ لأنه يختص بما في الذمم دون الأعيان؛ لمعنيين ذكرهما القاضي أبو الطيب:

أحدهما: أنهما إذا كانا في الذمة، فلا فائدة لأحدهما بمطالبة الآخر بما [له] في ذمته، بخلاف العين؛ لأنه يجوز أن يكون له فيها غرض صحيح، مثل: أن تكون تذكرة من صديق له، أو ميت له، أو يعلم أنه حلال طلق؛ فيجب صرفها في غير ذلك الوجه؛ فلأجل غرضه منعنا غريمه من أخذها بغير اختياره.

والثاني: أن التقاص إبراء؛ بدليل أنه لا يفتقر إلى إيجاب وقبول؛ كما لا يفتقر الإبراء إليهما، وقد أجمعنا على أن الإبراء لا يصح إلا بما في الذمة؛ فكذلك التقاص.

نعم، لو تلف المأخوذ في يد الآخذ، وكان من الجنس جرى التقاص حينئذٍ.

قال: وإن كان منكراً، أي: في الظاهر؛ كما قاله البندنيجي وابن الصباغ، وله بينة – فقد قيل: يأخذ؛ لأن هنداً قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي [إلا ما أخذت منه سرًّا؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف] "، فأذن لها في الأخذ مع القدرة عليه بالحاكم؛ لأن وجوب ذلك عليه ظاهر.

ولأن في حضور الشهود وتعديلهم عند الحاكم، وسماع البينة – تطويلاً ومشقة، وربما كان فيه غرر؛ لأن الشهود ربما جرحوا.

وقيل: لا يأخذ؛ لأن البينة حجة يمكنه أن يأخذ حقه بها؛ فكانت بمنزلة إقراره بالدين وهو مماطل؛ كذا قاله أبو الطيب، ومقتضاه: أن المقر المماطل لا يجري فيه الخلاف المذكور، وهو [ما] صرح به الإمام والغزالي.

وفي "الحاوي" و"الرافعي" التسوية بين المقر المماطل، والمنكر الذي عليه البينة

<<  <  ج: ص:  >  >>