للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا يلحقه ضرر بتفويت الماء عليه، وربما يحتاج إليه لأمر آخر؛ فلا يلزمه ذلك.

نعم: لو اجتهد، فأدى اجتهاده إلى نجاسة أحدهما وطهارة الآخر، فغسل النجس بزعمه، فهل يصلي في الآخر؟ فيه الوجهان.

وقد منع المزني من الاجتهاد في الثوبين مطلقاً، موجهاً ذلك بأنه قادر على الوصول إلى أداء فرض بيقين بأن يصلي في كل ثوب صلاة، ولا يجوز أن يؤديه بالاجتهاد كمن نسي صلاة من الخمس [لا يعرف عينها، يصلي الخمس]، قال: وخالف هذا الإناءين حيث جاز له الاجتهاد فيهما؛ لأنه لو أمر أن يتطهر بكل واحد منهما، لكان حاملاً للنجاسة بيقين.

وهذا من المزني تخريج على مذهب الشافعي، وإلا فمذهبه فيمن نسي صلاة من الخمس: أنه يصلي صلاة واحدة أربع ركعات ينوي بها الفائتة، ومذهبه في الأواني: أنه يريقها، ويتيمم.

وقد رد الأصحاب عليه قوله، وقالوا: لو فعل ما ذكره، كانت الصلاتان باطلتين؛ لأنه يدخل في كل منهما بثوب لا يتحقق طهارته، ولا هو ظان لها؛ فهو متردد في الشرط، والشك في الشرط شك في المشروط؛ فلا يصح منه؛ للإخلاص المأمور به في العبادة، ويلزمه عليه ألا يجتهد في جهة القبلة، وأن يصلي أربع صلوات إلى أربع جهات.

وهذا الإلزام يمكنه أن يخرج عنه بأن يقول: الأصل في كل ثوب الطهارة، فإذا صلى فيه تمسك بأصل سابق فأثار له ظناً بالصحة، ولا كذلك القبلة؛ فإنه ليس الأصل في كل جهة أنها القبلة.

نعم: الفرق بين ما نحن فيه وبين ما تمسك به: أنه إذا صلى خمساً، فهو دائر بين صلاة فريضة أو نافلة بنية الفريضة، والكل قربة صحيحة، وهو في الثوبين دائر بين صلاة صحيحة أو باطلة.

ولأن المشقة تلحقه في الثياب؛ فإنا لو كلفناه ذلك، للزم أن نكلفه إذا اشتبه عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>