للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِيةُ: بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْلَ الاسْتِيفَاءِ، قَالَ ابن القاسم: يُسْتَوْفَى الدَّمُ كَالْمَالِ، وَقَالَ أَيْضاً وَغَيْرُهُ: لا يُسْتَوْفَى؛ لْحُرْمَةِ الدَّمِ ..

هذه الصورة الثانية؛ وهي: أن يرجع الشهود عن شهادتهم بعد أن حكم القاضي وقبل الاستيفاء، فإن كان الحكم بمال مضى اتفاقاً، وإن كان بقصاص أو حد فقال ابن القاسم: لا ينقض الحكم كما في المال، فقوله: (كَالْمَالِ) أتى به للاستدلال، ونقل المصنف هذا القول عن مالك، وقال ابن القاسم أيضاً وغيره: لا يستوفى الدم أيضاً لحرمته، وتجب الدية، هكذا نقل المازري، وكان ابن القاسم يقول أولاً بالأول، ثم رجع واستحسن الثاني، قال: والأول القياس، وحكى المازري عن أصبغ ثالثاً أنه لا ينقض الحكم ولا دية فيه، وعلى وجوب الدية فقال بعض الشيوخ: لم يذكر على من تكون هل هي على الشهود؛ لأنهم أبطلوا الدم؟ وإن أراد ذلك فلم يبين أيضاً هل عليهم دية الذي شهددوا باستحقاق إراقة دمه أو دية الثاني الذي وجب عليه القصاص إن كان القاتل رجلاً والمقتول امرأة أو بالعكس؟ قال: ويمكن أن يريد: أن العقل يجب على القاتل الذي شهدوا أن القصاص يجب عليه حتى لا يبطل الدم عنه قال: وهذا عندي أظهر.

وَمِثْلُهُ لَوْ رَجَعَ شُهُودُ الإِحْصَانِ لَجُلِدَ جَلْدَ الْبِكْرِ

يعني: ومثل رجوع شهادة القتل رجوع شهادة الإحصان فيمضي رجمه على أحد القولين ولا يمضي على القول الآخر هكذا قال ابن عبد السلام، والأظهر أن المراد: ومثل القول الثاني؛ لقوله: (لَجُلِدَ جَلْدَ الْبِكْرِ).

الثَّالِثَةُ: بَعْدَ الاسْتِيفَاءِ فَيَغْرَمَانِ الدِّيَةَ وَغَيْرَهَا إِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَمْدُهُمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَلا يُغَرَّمَانِ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ ..

الصورة الثالثة: أن يرجع الشاهد بعد استيفاء الحكم فلا خلاف أن الحكم تام وإنما النظر في الغرامة، ثم لهما حالتان:

<<  <  ج: ص:  >  >>