للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأولى أن يقولا: "غلطنا" فقال ابن القاسم وأشهب: يغرم الشاهدان؛ لأن الخطأ والعمد بالنسبة إلى ضمان أموال الناس سواء، وقال ابن الماجشون: لا يغرم الشاهدان؛ لأنهما لو غرما في الخطأ مع كثرة الشهادة عليه لتورع الناس عنهما، وبالأول قال مطرف وأصبغ، قيل: وهو ظاهر المدونة في كتاب السرقة، وبالثاني قال المغيرة وابن دينار وابن أبي حازم، وحكي عن أصبغ قول ثالث أن الدية على عواقلهما.

فَإِنْ ثَبَتَ عَمْدُهُمَا فَالدِّيَةُ لابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْقِصَاصُ لأَشْهَبَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ: لا نَصَّ لِمَالِكٍ فِي التَّغْرِيمِ إِلا أَنَّ أَصْحَابَهُ اتَّفَقُوا عَلَى تَغْرِيمِ مَا أَتْلَفُوهُ بِالتَّعَمُّدِ.

تصور المسألة ظاهر، والأقرب قول أشهب؛ لأنهم قتلوا نفساً بغير شبهة، والقاضي والولي معذوران، وقول محمد راجع في المعنى إلى قول ابن القاسم على أن الأولى أن يعاد قول محمد على غير النفس كما لو أتلفوا بشهادتهم مالاً، وإن كان ظاهر كلام المصنف خلافه؛ لأنا لو أعدناه على الدية لم يصح؛ لأن المازري حكى عن مالك روايتين كقول ابن القاسم وأشهب، وقال: الأشهر عند أصحابه الغرم، اللهم إلا أن يقال: إن محمداً لم يطلع على الرواية بعدم الدية.

وَلَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ وَحَكَمَ وَلَمْ يُبَاشِرِ الْقَتْلَ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُمْ

هكذا حكى [٦٨٢/ ب] المازري وابن شاس، وظاهره أنه تجب الدية عند ابن القاسم كالأول. وفيه نظر؛ ففي آخر الرجم من المدونة: وإن أقر القاضي أنه رجم أو قطع الأيدي أو جلد تعمداً للجور أقيد منه. وهو ظاهر في لزوم القود له وإن لم يباشر، وعلى ذلك حمله بعضهم.

ابن عبد السلام: ولا أظنه يختلف في ذلك، وظاهره أن القود يجب في السوط وهو أحد القولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>