للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا لَوْ رَجَعَا فِي شَهَادَةِ قَذْفٍ أَوْ شَتْمٍ وَشِبْهِهِ فَالأَدَبُ لا غَيْرُ

أي: ولا غرامة هنا، وقد نقل سحنون الاتفاق على ذلك، قال: ولا تقع المماثلة في اللطمة والسوط، وقد يسبق إلى الذهن أن من يرى القود في السوط من أصحابنا يرى أن للمشهود عليه هنا أن يقتص من الشهود، وهذا إنما يتم لو كان أشهب الذي يوجب للمشهود عليه القصاص من الشهود يقول بالقود في السوط.

وَقَدْ قال المازري: لا خِلافَ فِي تَعَلُّقِ الْغَرَامَةِ بِهِمْ إِذَا شَهِدُوا عَلَى قَتْلٍ عَمْدٍ فَاقْتُصَّ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ حَيُّ، وَإِنَّمَا الْخِلافُ فِي الْبِدَايَةِ وَفِي الرُّجُوعِ فَقَالَ ابن القاسم: يَبْدَأُ بِالشُّهُودِ فَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ فَمِنَ الْقَاتِلِ، وَقِيلَ: الْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرُ

ليست هذه المسألة من مسائل الرجوع لأن الشاهدين لم يرجعا، وإنما تبين كذبهما من جهة غيرهما، لكنه ذكره في فصل الرجوع لاشتراكه معه في تعلق الغرامة.

وقوله: (فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) نحوه في الجواهر وعزاه لسحنون أيضاً، وإنما عزاه المازري لسحنون، وهو الظاهر؛ لأن الذي نقله في النوادر عن ابن القاسم في رجلين شهدا أن هذا الرجل قتل ابن هذا عمداً فقضى بقتله ثم قدم ابن الرجل حياً: أنه لا شيء على الإمام ولا على عاقلة الأب، ويغرم الشاهدان ديته في أموالهما، وقاله أصبغ، ولم يذكر عن ابن القاسم الرجوع على القاتل إذا كانوا فقراء، وإنما قال سحنون: أنه يرجع على القاتل ولا يكون له على الشهود رجوع.

المازري: وروي نفي الترتيب، وأن ولي الدم مخير إن شاء تبع الشاهدين بالدية، وإن شاء تبع ولي القاتل، ثم إن بدأ بطلب الشهود لم يكن له العدول عنهم إلا أن يجدهم فقراء فيطلب الأب القاتل، وإن اختار البدأة بالأب فليس له الرجوع عنه ملياً كان أو معدماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>