للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {مَثَلُ الْجَنَّةِ} رفع بالابتداء، واخْتُلِف في خبره، فقال صاحب الكتاب - رحمه لله - تعالى: خبره محذوف، أي: فيما قصصنا عليكم، أو أنزلنا مثل الجنة، أي: شبهها (١).

وقال غيره: الخبر {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (٢)، على حذف الموصوف، أي: شِبْهُ الجنة التي وُعِدَ المتقون دخولها شبهُ جنة من صفتها كيت وكيت، تمثيلًا لما غاب عنا بما نشاهد، وذلك أن الله عز وجل عَرَّفَنا شبه الجنة التي لم نرها ولم نشاهدها بما شاهدناها وعايناها (٣). وقيل: صفة الجنة (٤). وقيل: صورة الجنة (٥).

وحقيقة المثل في اللغة: الشبه، ولذلك يجري مجراه في مواضع شتى، تقول: مررت برجل مثلك، كما تقول: مررت برجل شِبهك، وهذا مثل هذا، كما تقول: هذا شبه هذا. ثم استعمل في صفة الشيء وصورته لقربه منهما من جهة المعنى.

و{تَجْرِي} على رأي صاحب الكتاب: في موضع الحال من الذكر الراجع، أي: وعدوا (٦) دخولها مقدَّرًا جريان أنهارها.

وقوله: {أُكُلُهَا دَائِمٌ} أي: ثمرها دائم الوجود لا ينقطع شتاء ولا


(١) انظر قول سيبويه في كتابه ١/ ١٤٣. ومعاني الزجاج ٣/ ١٩٤. وإعراب النحاس ٢/ ١٧٣. والكشاف ٢/ ٢٩٠.
(٢) هذا قول الفراء ٢/ ٦٥، وإليه نسبه النحاس في الإعراب ٢/ ١٧٣. وحكاه الزجاج ٣/ ١٤٩ دون نسبة.
(٣) انظر معاني الزجاج ٣/ ١٥٠، وهذا قول ثالث لأبي إسحاق.
(٤) هذا قول الخليل كما رواه النضر بن شميل عنه. انظر معاني النحاس ٣/ ٥٠١. وانظر معاني الزجاج ٣/ ١٥٠. وجامع البيان ١٣/ ١٦٢.
(٥) كأن هذا القول مأخوذ من القول الذي رجحه الطبري ١٣/ ١٦٣ قال: مثل الجنة، والمراد الجنة، ثم وصفت الجنة بصفتها، وذلك أن مثلها إنما هو صفتها، وليست صفتها شيئًا غيرها.
(٦) في (ب): وعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>