للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩)}:

قوله عز وجل: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} ذهب جماعة: إلى أن هذا عامٌّ في كل شيء كما يقتضيه ظاهر اللفظ، وقالوا: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} ما يشاء من الرزق والأجل، والسعادة والشقاوة، وغير ذلك مما لا يليق ذكره في هذا الكتاب (١).

وقوله: {وَيُثْبِتُ} أي: ويثبته، فاستُغني بتعدية الأول من الفعلين عن تعدية الثاني، كقوله: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ} إلى قوله: {وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] وقرئ: (ويُثْبِتُ) بالتخفيف من الإثبات، وبالتشديد من التثبّت (٢).

وقوله: {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} أي: أصل الكتاب، وهو اللوح المحفوظ، وهو أصل كل كتاب، لأن كل كائن مكتوب فيه.

{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤١)}:

قوله عز وجل: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ} الأصل إنْ ما، (إنْ) شرطية دخلت عليها (ما) لتوكيد الشرط، فدخلت على الفعل النون الثقيلة لتأكيد الفعلِ، وقد مضى الكلام على هذا فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (٣).


(١) كون معنى الآية عام في كل شيء هو قول طائفة من العلماء، وقالت طائفة أخرى: يمحو الله ما يشاء ويثبت عدا الشقاوة والسعادة، والحياة، والموت. انظر جامع البيان، ومعالم التنزيل عند تفسير هذه الآية. وقال القرطبي ٩/ ٣٢٩: مثل هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد، إنما يؤخذ توقيفًا، فإن صح القول به يجب ويوقف عنده، وإلا فتكون الآية عامة في جميع الأشياء وهو الأظهر، والله أعلم.
(٢) القراءتان من المتواتر، فقد قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، ويعقوب: (ويثْبت) ساكنة الثاء خفيفة الباء. وقرأ الباقون: (ويثَبِّت) بفتح الثاء وتشديد الباء. انظر السبعة / ٣٥٩/. والحجة ٥/ ١٩ - ٢٠. والمبسوط / ٢٥٥/. والتذكرة ٢/ ٣٩١.
(٣) انظر إعرابه للآية (٣٨) من البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>