للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخل فيها عنوة وأكثر القتل والأسر على من

كانوا بها وبعث خمسة عشر ألف مقاتل إلى نرسنكه، وسار بنفسه إلى مجهلي بتن فملكها

ورجع إلى كوند بور بلي ولحق بوزيره محمود وكان محمد شاه مستأثراً بوزيره ولم يزل يخصه

بعناية لا مزيد عليها، فحسده الناس ووقعوا في عرضه ونفسه واتهموه بخبث النية وعرضوا

على محمد شاه رسالته إلى صاحب اريسه وعليها خاتم الوزير، وكان محمد شاه يعرف

خاتمه فغضب عليه غضباً شديداً وأمر بقتله، فقتلوه في سنة ست وثمانين ثم ندم ندامة

الكسعي وحزن لقتله حزناً شديداً حتى مرض وأشرف على الموت، فسار إلى دار ملكه

أحمد آباد ومات بها في سنة سبع وثمانين وثمانمائة وتزلزل بنيان السلطنة بعد موته فلم يبق

لأبنائه إلا الاسم والرسم وذلك تقدير العزيز العليم تاريخ فرشته.

الشيخ محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي

الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة الفقيه الزاهد صاحب المقامات العلية والكرامات الجلية

محمد بن يوسف بن علي بن محمد بن يوسف بن حسين بن محمد بن علي بن حمزة بن داود

بن أبي الحسن زيد الجندي الإمام أبو الفتح صدر الدين محمد الدهلوي ثم الكلبركوي ينتهي

نسبه إلى يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد عليه وعلى آبائه السلام، ولد في رابع رجب الفرد

سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بدار الملك دهلي وسافر مع أبويه إلى دولت آباد وهو ابن

أربع سنوات واشتغل بالعلم على أبيه وجده مدة ورجع إلى دهلي مع أمه وصنوه الحسين

بن يوسف في السادس عشر من سنه في سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

وكان والده توفي قبل ذلك بأربع سنين، فلما دخل دار الملك أدرك بها الشيخ نصير الدين

محمود الأودي فأراد أن يلبس منه الخرقة فأمره الشيخ بتكملة العلوم، فاشتغل بها وقرأ بعض

الكتب الدرسية على مولانا السيد شرف الدين الكيتهلي وبعضها على مولانا تاج الدين

المقدم ثم لازم دروس القاضي عبد المقتدر بن ركن الدين الشريحي الكندي وقرأ عليه

الشمسية والصحائف ومفتاح العلوم وهداية الفقه وأصول البزدوي والكشاف وسائر الكتب

الدرسية، وبرز في الفضائل وتأهل للفتوى والتدريس وجمع بين العلم والعمل والزهد والتواضع

وحسن السلوك، ووضع الله سبحانه له المحبة في قلوب عباده لما اجتمع فيه من خصال

الخير، فانقطع إلى شيخه نصير الدين محمود وأخذ عنه وبلغ رتبة الكمال في أقل مدة،

فاستخلصه الشيخ لنفسه واستخلفه وأجازه عامة تامة فصار المرجوع إليه في علمي الرواية

والدراية ولتهذيب النفوس والدلالة على معالم الرشد وطرائق الحق، وتولى الشياخة بعد ما

توفي شيخه سنة سبع وخمسين وسبعمائة، وتزوج بابنة الشيخ أحمد بن جمال الدين

الحسيني المغربي وله أربعون سنة، ثم خرج من دار الملك دهلي في ربيع الآخر سنة إحدى

وثمانمائة في الفترة التيمورية وذهب إلى كجرات ثم إلى دولة آباد فاستقدمه فيروز شاه البهمني

إلى كلبركه سنة خمس عشرة وثمانمائة فسكن بها يدرس ويفيد.

وكان عالماً كبيراً عارفاً قوي النفس عظيم الهيبة جليل الوقار جامعاً بين الشريعة والطريقة

ورعاً تقياً زاهداً غواصاً في بحار الحقائق والمعارف، له مشاركة جيدة في الفقه والتصوف

والتفسير وفنون أخرى، أخذ عنه ناس كثيرون وانتفعوا به، وله مصنفات كثيرة منها تفسير

القرآن الكريم على لسان المعرفة، وتفسير القرآن على منوال الكشاف، وتعليقات على

خمسة أجزاء من الكشاف ومنها شرح مشارق الأنوار على لسان المعرفة، وله ترجمة

المشارق بالفارسية، ومنها المعارف شرح العوارف للشيخ شهاب الدين السهروردي

بالعربية، وله ترجمة العوارف بالفارسية، ومنها شرح التعرف وشرح الفصوص وشرح آداب

المريدين بالعربية والفارسية، وله شرح التمهيدات لعين القضاة الهمذاني، وشرح الرسائل

القشيرية وشرح رسالة لابن عربي، وشرح الفقه الأكبر، وشرح بدء الأمالي، وشرح العقيدة

الحافظية، وله رسالة في سير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وكتابه أسماء الأسرار وكتابه حدائق الأنس وكتابه في ضرب الأمثال وكتابه في آداب

السلوك ورسالة في إشارات أهل المحبة ورسالة في بيان الذكر ورسالة في بيان المعرفة

ورسالة في تفسير رأيت ربي في أحسن صورة ورسالة في الاستقامة على الشريعة ورسالة في

شرح تعبير الوجود بالأزمنة الثلاثة بما يعبر بها بالفارسية

<<  <  ج: ص:  >  >>