للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَقُولُ: لَأَصُومَنَّ هَذَا الْيَوْمَ فَيَصُومُهُ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْحِينَ، وَهُوَ مُفْطِرٌ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُصْبِحُ مُفْطِرًا حَتَّى الضُّحَى أَوْ بَعْدَهُ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ وَجَدَ غَدَاءً أَوْ لَمْ يَجِدْهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فِي قَوْلِهِ يُصْبِحُ مُفْطِرًا يَعْنِي يُصْبِحُ لَمْ يَنْوِ صَوْمًا، وَلَمْ يَطْعَمْ شَيْئًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا لَا يُجْزِئُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ حَتَّى يَنْوِيَ صَوْمَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَخْبَرَنَا الثِّقَاتُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ خَرَجَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا هُوَ تَطَوُّعٌ فَمَنْ شَاءَ زَادَ وَمَنْ شَاءَ نَقَصَ أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادٍ لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُهُ فِيمَا يُثْبِتُ مِثْلَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِثْلُ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ لَا يُخَالِفُهُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى أَبَا ذَرٍّ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ فَقِيلَ لَهُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ تَدْرِي عَلَى شَفْعٍ تَنْصَرِفُ أَمْ عَلَى وِتْرٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْمُنْذِرِيِّ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: أَتَيْت بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْت: إنَّك شَيْخٌ وَإِنَّك لَا تَدْرِي عَلَى شَفْعٍ انْصَرَفْت أَمْ عَلَى وِتْرٍ فَقَالَ: إنَّك قَدْ كُفِيت حِفْظَهُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنِّي لَا أَسْجُدُ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَنِي اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً أَوْ كَتَبَ لِي بِهَا حَسَنَةً أَوْ جَمَعَ لِي كِلْتَيْهِمَا، قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّيْخُ الَّذِي صَلَّى، وَقَالَ الْمَقَالَةَ أَبُو ذَرٍّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَوْلُ أَبِي ذَرٍّ " لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي "، وَقَوْلُهُ " قَدْ كُفِيت حِفْظَهُ " يَعْنِي عَلِمَ اللَّهُ بِهِ، وَيَتَوَسَّعُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا لَا يَتَّسِعُ فِي الْفَرْضِ إلَّا أَنْ يَنْصَرِفَ عَلَى عَدَدٍ لَا يُزِيدُ فِيهِ، وَلَا يُنْقِصُ مِنْهُ شَيْئًا، وَقَدْ تَوَسَّعَ أَبُو ذَرٍّ فِيهِ فِي التَّطَوُّعِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقُلْت مَذْهَبُك فِيمَا يَظْهَرُ اتِّبَاعُ الْوَاحِدِ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ مِنْ رِوَايَتِك، وَرِوَايَةِ أَصْحَابِك الثَّابِتَةِ عِنْدَهُمْ مَا وُصِفَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَأَبِي ذَرٍّ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي لَا يَدْفَعُ عَالِمٌ أَنَّهَا غَايَةٌ فِي الثَّبْتِ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَنَحْنُ وَأَنْتَ نُثْبِتُ رِوَايَتَنَا عَنْ جَابِرِ بِنَّ عَبِدِ اللَّهِ وَيَرْوِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَدَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا دَلَالَةٌ مِنْ سُنَّةٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا الْآثَارُ، وَأَيًّا كَانَ لَمْ يَكُ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِك أَنْ نَقُولَ قَوْلَنَا فِيهِ وَأَنْتَ تَرْوِي عَنْ عُمَرَ إذَا أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ، وَنَقُولُ وَلَوْ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا، وَجَبَ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ اتِّبَاعًا لِقَوْلِ عُمَرَ فَتُرَدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَتَأَوَّلَ حُجَّةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}، وَلِقَوْلِهِ {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} قَالُوا إنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ الْمَهْرَ، وَالْعِدَّةَ فِي الطَّلَاقِ بِالْمَسِيسِ فَقُلْت: لَا تُنَازِعْ عُمَرَ، وَلَا تَتَأَوَّلْ مَعَهُ بَلْ تَتَّبِعُهُ، وَنَتَّبِعُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: «مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا»، وَفِي قَوْلِهِ " مَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّعَامِ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ ثُمَّ يَقُولَ بِرَأْيِهِ، وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ فَقُلْت: لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ اُشْتُرِيَ مَتَى يُقْبَضُ اتِّبَاعًا لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَرْوِي ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى مَنْ خَالَفَك إذَا كَانَ مَعَك قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَرْوِي عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ خِلَافَ عُمَرَ، وَتَحْتَجُّ بِهِ عَلَيْهِ، وَتَرَى لَك فِيهِ حُجَّةً عَلَى مَنْ خَالَفَك ثُمَّ تَدَعُ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَابْنَ عَبَّاسٍ وَجَابِرًا وَأَبَا ذَرٍّ، وَعَدَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّفِقَةً أَقَاوِيلُهُمْ، وَأَفْعَالُهُمْ، وَتُخَالِفُهُمْ عَلَى أَقَاوِيلِهِمْ بِالْقِيَاسِ ثُمَّ تُخَطِّئُ الْقِيَاسَ أَرَأَيْت لَا يُمْكِنُ أَحَدًا فِي قَوْلِ، وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْك قِيَاسًا صَحِيحًا، وَمَعَهُمْ دَلَائِلُ السُّنَّةِ الَّتِي لَيْسَ لِأَحَدٍ خِلَافُهَا؟ (قَالَ): أَفَتَكُونُ صَلَاةُ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ؟ (قُلْت): مَسْأَلَتُك مَعَ مَا وَصَفْت مِنْ الْأَخْبَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>