للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، فإذا كان القول ليس في كتاب الله وسنة رسوله لم يجب على الناس أن يقولوه، لأن الإيجاب إنما يتلقى من الشارع، وإن كان القول في نفسه حقًّا، أو اعتقد قائله أنه حق، فليس له أن يلزم الناس أن يقولوا ما لم يلزمهم الرسول أن يقولوه -لا نصًّا ولا استنباطًا. وإذا (١) كان كذلك فقول القائل: المطلوب من فلان أن يعتقد كذا وكذا، وأن لا يتعرض لكذا وكذا إيجاب عليه لهذا الاعتقاد وتحريم عليه لهذا الفعل، وإذا كانوا لا يرون خروجه من السجن إلّا بالموافقة على ذلك فقد استحلوا عقوبته وحبسه حتى يطيعهم في ذلك، فإذا لم يكن ما أمروا به قد أمر الله به ورسوله، وما نهوا عنه قد نهى الله عنه ورسوله، كانوا بمنزلة من ذكر من الخوارج (٢) والروافض (٣) والجهمية (٤) المشابهين للمشركين والمرتدين، ومعلوم أن هذا الذي قالوه لا يوجد في كلام الله ورسوله بحال، وهم -أيضًا- لم يبينوا أنه يوجد في كلام الله ورسوله، فلو كان هذا موجودًا في كلام الله ورسوله لكان عليهم بيان ذلك، لأن العقوبات لا تجوز إلّا بعد إقامة الحجة، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٥)، فإذا لم يقيموا حجة الله (٦) التي يعاقب من خالفها، بل لا يوجد ما ذكروه في حجة الله، وقد نهوا عن تبليغ حجة الله ورسوله، كان هذا من أعظم الأمور مماثلة لما ذكر من حال الخوارج (٧) المارقين المضاهين للمشركين والمرتدين والمنافقين.


(١) في س، ط: وإن.
(٢) سبق التعريف بهم وبمذهبهم ص: ١٧٦.
(٣) سبق التعريف بهم وبمذهبهم ص: ١٥١.
(٤) سبق التعريف بهم وبمذهبهم ص: ١١٩، ١٧١.
(٥) سورة الإسراء، الآية: ١٥.
(٦) في س: لله.
(٧) سبق التعريف بهم وبمذهبهم ص: ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>