للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القضاء واحتجوا بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من اعتكافه فاعتكف عشراً من شوال (١).

(وقال) الشافعي: إن لم يكن عليه نذر اعتكاف أو شيء أوجبه على نفسه وكان متطوعاً فخرج فليس عليه قضاه إلا أن يجب ذلك اختياراً منه قال الشافعي وكل عمل لك ألا تدخل فيه فإذا دخلت فيه وخرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج والعمرة (٢) وهذا هو الحق. وقد انعقد الإجماع على أن الإنسان لو نوى الصدقة بمال مقدر فأخرج بعضه لم تلزمه الصدقة بباقيه وهو نظير الاعتكاف لأنه غير مقدر بالشرع.

(ب) يجب على من نذر اعتكافاً أو أفسده بخروج وغيره- مما تقدم في الشرط الخامس للاعتكاف (٣) - أن يقضيه اتفاقاً إذا قدر على القضاء لأنه


(١) الحديث أخرجه السبعة إلا الترمذي وفي لفظ البخاري: فترك الاعتكاف ذلك الشهر ثم اعتكف عشراً من شوال انظر ص ١٩٥، ١٩٦ ج ٤ فتح الباري (اعتكاف النساء) وليس فيه لفظ: خرج من اعتكافه عند واحد ممن خرجه فهو لا يدل على المدعي بل يدل على خلافه فإن النبي صلى الله عليه وسلم ترك اعتكافه ولو كان واجباً لما تركه وأزواجه تركن الاعتكاف بعد نيته وضرب أبنيتهن له ولم يوجد عذر يمنع وإنما فعله تطوعاً لأنه كان إذا عمل أثبته كما قضى السنة التي فاتته بعد الظهر وقبل الفجر فتركه له دليل على عدم الوجوب لتحريم ترك الواجب وقضاؤه لا يدل على الوجوب لأن قضاء السنة مشروع. (فإن قيل) إنما جاز تركه ولم يؤمر تاركه من النساء بقضائه لتركهن إياه، قبل الشروع. (قلنا) فقد سقط الاحتجاج لاتفاقنا على أنه لا يلزم قبل شروعه فيه فلم يكن القضاء دليلاً على الوجوب مع الاتفاق على انتفائه ولا يصح قياسه على الحج والعمرة لأن الوصول إليهما لا يحصل في الغالب إلا بمشقة شديدة واتفاق مال كثير ففي إبطالهما تضييع لماله وإبطال لأعماله الكثيرة وقد نهينا عن إضاعة المال وإبطال الأعمال. وليس في ترك الاعتكاف بعد الشروع فيه مال يضيع ولا عمل يبطل فإن ما مضى من اعتكافه لا يبطل بترك اعتكاف المستقبل (انظر ص ١٢٠ ج ٣ مغنى ابن قدامة).
(٢) انظر ص ٧١ ج ٢ تحفة الأحوذي.
(٣) تقدم ص ٥٣٥ - ٥٣٦.