للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا بِهِ فَيُحَالُ عَلَيْهِ.

(كَمَا) لَا غُسْلَ (لَوْ أَتَى عَذْرَاءَ وَلَمْ يُزِلْ عُذْرَتَهَا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ الْبَكَارَةُ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ إلَّا إذَا حَبِلَتْ لِإِنْزَالِهَا، وَتُعِيدُ مَا صَلَّتْ قَبْلَ الْغُسْلِ كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ مَنِيِّهَا مِنْ فَرْجِهَا الدَّاخِلِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ قَالَهُ الْحَلَبِيُّ.

(وَيَجِبُ) أَيْ يُفْرَضُ (عَلَى الْأَحْيَاءِ) الْمُسْلِمِينَ (كِفَايَةً) إجْمَاعًا (أَنْ يَغْسِلُوا) بِالتَّخْفِيفِ (الْمَيِّتَ) الْمُسْلِمَ إلَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ فَيُيَمَّمُ.

(كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا) أَوْ نُفَسَاءَ وَلَوْ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ بِبَقَاءِ الْحَدَثِ الْحُكْمِيِّ

ــ

[رد المحتار]

بِأَنَّهَا قَدْ ثَبَتَ لَهَا وَصْفُ الِاشْتِهَاءِ فِيمَا مَضَى فَيَبْقَى حُكْمُهُ الْآنَ مَا دَامَتْ حَيَّةً كَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَاذَاةِ فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالصَّغِيرَةِ تَأَمَّلْ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا بِهِ) أَيْ أَمَّا فِعْلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُصَاحِبُ لِلْإِنْزَالِ فَيُحَالُ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى الْإِنْزَالِ ط.

. (قَوْلُهُ: تَمْنَعُ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ) أَيْ خِتَانِ الرَّجُلِ: وَهُوَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ، وَخِتَانِ الْمَرْأَةِ: وَهُوَ مَوْضِعُ قَطْعِ جِلْدَةٍ مِنْهَا كَعُرْفِ الدِّيكِ فَوْقَ الْفَرْجِ، فَإِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَقَدْ حَاذَى خِتَانُهُ خِتَانَهَا، وَتَمَامُ بَيَانِهِ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا حَبِلَتْ) فَيَكُونُ دَلِيلَ إنْزَالِهَا فَيَلْزَمُهَا الْغُسْلُ. قَالَ أَبُو السُّعُودِ: وَكَذَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ إنْزَالِهِ أَيْضًا وَإِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْغُسْلِ) أَيْ لَوْ لَمْ تَكُنْ اغْتَسَلَتْ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهَا صَلَّتْ بِلَا طَهَارَةٍ.

(قَوْلُهُ: قَالَهُ الْحَلَبِيُّ) أَيْ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ. وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِ مَنِيِّهَا إلَى رَحِمِهَا، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصَحِّ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ

(قَوْلُهُ: أَيْ يُفْرَضُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ هُنَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فَكَانَ الْأَوْلَى فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ التَّعْبِيرَ بِيُفْرَضُ. اهـ. ح وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِالْفَرْضِيَّةِ هُنَا صَاحِبُ الْوَافِي وَالسُّرُوجُ وَابْنُ الْهُمَامِ مَعَ نَقْلِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، لَكِنْ عَلَّلَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ هَذَا الَّذِي سَمَّوْهُ وَاجِبًا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ. قَالَ الشَّارِحُ فِي الْخَزَائِنِ: قُلْت هَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ أَنَّهُ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ لَا اعْتِقَادِيٌّ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَلَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَلَعَلَّهُمْ عَبَّرُوا بِالْوَاجِبِ لِلْإِشْعَارِ بِانْحِطَاطِ رُتْبَةِ هَذَا عَنْ ذَاكَ فَتَأَمَّلْ اهـ قُلْت: لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا غُسْلَ الْمَيِّتِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كِفَايَةً) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ سَقَطَ عَنْ بَاقِيهِمْ وَإِلَّا أَثِمُوا كُلُّهُمْ إنْ عَلِمُوا بِهِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِسُقُوطِهِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ النِّيَّةُ اسْتَظْهَرَ فِي جَنَائِزِ الْفَتْحِ نَعَمْ، وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ يُفْرَضُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمَا نَقَلَهُ مِسْكِينٌ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ غُسْلُ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَفِيهِ نَظَرٌ بَعْدَ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ.

(قَوْلُهُ: بِالْخَفِيفِ) أَيْ تَخْفِيفِ السِّينِ، وَهُوَ مِنْ الْغَسْلِ بِالْفَتْحِ. قَالَ فِي السِّرَاجِ: يُقَالُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ بِضَمِّ الْغَيْنِ وَغَسْلُ الْمَيِّتِ وَغَسْلُ الثَّوْبِ بِفَتْحِهَا. وَضَابِطُهُ أَنَّك إذَا أَضَفْت إلَى الْمَغْسُولِ فَتَحْت، وَإِذَا أَضَفْت إلَى غَيْرِ الْمَغْسُولِ ضَمَمْت. اهـ.

(قَوْلُهُ: الْمَيِّتَ) بِالتَّخْفِيفِ وَبِالتَّشْدِيدِ ضِدُّ الْحَيِّ، أَوْ الْمُخَفَّفِ الَّذِي مَاتَ وَالْمُشَدَّدُ الَّذِي لَمْ يَمُتْ بَعْدُ، أَفَادَهُ فِي الْقَامُوسِ.

(قَوْلُهُ: الْمُسْلِمَ) أَمَّا الْكَافِرُ إذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ إلَّا وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ فَيُسِيلُ عَلَيْهِ الْمَاءَ كَالْخِرْقَةِ النَّجِسَةِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ السُّنَّةِ ط.

(قَوْلُهُ: فَيُيَمَّمُ) وَقِيلَ يُغْسَلُ بِثِيَابِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بَحْرٌ وَنَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ) أَيْ يُفْرَضُ بَحْرٌ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ) أَيْ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، لَكِنْ فِي دُخُولِ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَائِضَ مَنْ اتَّصَفَتْ بِالْحَيْضِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ لَا تُسَمَّى حَائِضًا؛ وَلِذَا قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهَا لَوْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ مَا قِيلَ إنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ صِفَةَ الْجَنَابَةِ بَاقِيَةٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَكَأَنَّهُ أَجْنَبَ بَعْدَهُ، وَالِانْقِطَاعُ فِي الْحَيْضِ هُوَ السَّبَبُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ بَعْدُ، فَلِذَا لَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ لَزِمَهَا.

(قَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ) أَيْ عَلَّلَ الْأَصَحَّ.

(قَوْلُهُ: بِبَقَاءِ الْحَدَثِ الْحُكْمِيِّ) حَاصِلُهُ مَنْعُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الِانْقِطَاعَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ لَا سَبَبٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>